في خطوة تاريخية تهدف إلى مواكبة تطورات المجتمع المغربي، كشف وزير العدل عبد اللطيف وهبي، خلال لقاء تواصلي بمقر أكاديمية المملكة المغربية بالرباط، عن مضامين مراجعة مدونة الأسرة التي تحمل في طياتها إصلاحات جذرية تمس كافة مناحي العلاقات الأسرية.
هذه التعديلات، التي تأتي في سياق التوجيهات الملكية السامية، التي تسعى إلى تحقيق توازن دقيق بين مقتضيات الشريعة الإسلامية ومبادئ الدستور المغربي.
وأبرز الوزير أن من أبرز الإصلاحات تحديد سن الزواج بـ18 عامًا بشكل صارم، مع تقييد الاستثناءات المتعلقة بزواج القاصرين بشروط صارمة ووفق رقابة قضائية مشددة، مما يعزز حماية الأطفال من مخاطر الزواج المبكر. كما تم إدخال تعديلات جوهرية على مسطرة الطلاق، باعتماد الطلاق الاتفاقي كإجراء أساسي، وتقليص أنواع الطلاق بما يضمن تسريع وتسوية النزاعات بطريقة عادلة ومنصفة.
من جهة أخرى، شكل تعزيز حقوق المرأة محوراً رئيسياً لهذه التعديلات، حيث سيتم اعتبار عملها داخل المنزل مساهمة قانونية في تنمية الأموال الزوجية، مع توفير ضمانات قانونية لاستقرارها بعد الطلاق أو وفاة الزوج. كما لن يتم إسقاط حضانتها لأطفالها في حالة الزواج من جديد.
وتسعى هذه الإصلاحات أيضاً إلى حماية الأطفال من خلال إجراءات جديدة تشمل تقاسم الحضانة بين الوالدين أثناء العلاقة الزوجية وبعد الطلاق، وتطوير أنظمة توثيق الزواج لضمان استقرار العلاقة الزوجية وحقوق الأطراف.
وأكد وهبي أن المراجعة تشمل إحداث “شباك موحد” بمحاكم الأسرة لتبسيط الإجراءات القانونية، وإطلاق سجل وطني لتوثيق عقود الزواج والطلاق. هذه التعديلات تعكس رؤية شاملة لتعزيز العدالة الأسرية، بما يتماشى مع الاتفاقيات الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، ويهدف إلى بناء مجتمع أكثر تماسكًا واستقرارًا.
تعد هذه التعديلات بداية “ثورة قانونية” في مدونة الأسرة، تعيد صياغة العلاقات الأسرية على أسس جديدة، حيث ينتظر أن يتم عرض النصوص النهائية قريباً على البرلمان لاعتمادها، في خطوة قد تُحدث تحولاً عميقاً في بنية الأسرة المغربية.