لكل مجتهد نصيب، كما يقال. وقد أثمر الاجتهاد الأمني نتائج مبهرة يمكن إضافتها إلى الرصيد الإيجابي من العمل المغربي، الذي يصب في تحقيق الأهداف الوطنية الكبرى. حققت المؤسسة الأمنية، ونقصد المديرية العامة للأمن الوطني والمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، مجموعة من الإنجازات المترادفة، أو كما يقال في اللغة المغربية البليغة “واحد ينسيك في الآخر”.
فخلال مشاركة المؤسسة الأمنية في الدورة 92 للجمعية العامة للأنتربول، والتي تميزت بقيادة عبد اللطيف حموشي للوفد المغربي وحصوله على تفويض السلط لتمثيل المغرب، فخلال هذه المشاركة، تشرح المغرب لمنصب الرئيس عن القارة الإفريقية، وحصل على أصوات الأغلبية أمام منافسيه.
وفي السياق ذاته تسلم حموشي علم الأنتربول من وزير الداخلية البريطاني، إيذانا بالتحضير والإعداد لتنظيم الدورة 93 للأنتربول بمدينة مراكش في نونبر 2025.
وتندرج مشاركة المدير العام للأمن الوطني ولمراقبة التراب الوطني في أشغال الدورة الحالية للجمعية العامة للأنتربول ضمن استراتيجية مندمجة تروم تدعيم انخراط المملكة المغربية في آليات التعاون الأمني الدولي، لمواجهة مختلف التهديدات الإرهابية ومخاطر الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، وكذا توطيد الحضور الأمني المغربي كفاعل رئيسي وموثوق به في مختلف المؤتمرات والملتقيات العالمية ذات الصلة بالتعاون الشرطي وقضايا العدالة الجنائية.
ليس الأمر بسيطا أن ينتزع المغرب أمرين مهمين في إطار المنظمة الدولية للشرطة الأنتربول، فمن جهة تتويج وتأكيد احتضان المغرب للمؤتمر القادم للشرطة الدولية، ونيابة رئيس الأنتربول عن القارة الإفريقية.
نحن أمام ثمار نجنيها نتيجة الاجتهاد والجهد الكبير، حيث لا ينبغي أن ننسى أننا أمام أكبر تجمع أمني سنوي يناقش قضايا الأمن الشامل والتعاون الشرطي المتعدد الأطراف، ويرسم السياسات الأمنية دوليا والتزامات الدول الأطراف، وأي نتيجة هي نقطة إضافية في رصيد المغرب، وبواسطتها يمكن أن ننتصر في قضايا أخرى.
لقد نهج المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس استراتيجية واضحة في مجالات التعاون الأمني، وتستمد هذه الأخيرة مبادئها ومرتكزاتها وأهدافها من التوجيهات الملكية السامية، ومن النظر الموفق السديد لجلالته ومن رؤيته المتبصرة لأهمية التعاون الدولي والإفريقي في مختلف المجالات بما فيها المجال الأمني.
غهذه الانتصارات هي تأكيد للحضور المغربي في المجالات الأمنية على الصعيد الدولي، حيث تعتبر الديبلوماسية الأمنية رافعة كبيرة للانتصارات الديبلوماسية الأخرى، وقد حققت المؤسسة الأمنية المغربية نتائج يمكن القول إنها أكثر من المتوقع بالنسبة لبلد محاط بكثير من التحديات، لكن الاختراقات التي حققها في مكافحة الإرهاب، وقدرته على تجنيب العديد من البلدان، التي لها باع كبير في المجال الاستخباراتي، منحه مكانة رفيعة جعلت عشرات الدول تعترف بدوره الحاسم في محاربة الجريمة الإرهابية، والجريمة المنظمة والعابرة للقارات وشبكات التهريب الدولي للمخدرات والاتجار في البشر، وهي كلها مجالات نجح فيها المغرب بشكل كبير جعلته اليوم يجني ثمار ما قدم.