بدا وزير العدل عبد اللطيف وهبي منتشيا وهو يتلقى التهاني من البرلمانيين بمناسبة تجديد الثقة الملكية فيه للاستمرار في تولي قطاع العدل ضمن النسخة الثانية من حكومة عزيز أخنوش. وقد صرح وهبي قائلا: “قد لا يسعد هذا البعض، لكنني سعيد بذلك، فلدي مشاريع يجب أن أنفذها، وتبقى الثقة الملكية غالية عندي، وأعتبرها إشارة جميلة من جلالة الملك تجاهي.”
وخصص وهبي جزءا مهما من تعقيبه على مداخلات أعضاء لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس النواب، خلال مناقشة الميزانية الفرعية لوزارته مساء اليوم الثلاثاء، للتعليق على الجدل الدائر حول مقاطعة المحامين للمحاكم، مؤكدا: “ليس لدي أي إشكال مع أي أحد، ومستعد للحوار الذي يفضي إلى الموافقة على بعض النقاط، وليس أن أنفذ لك ما تطلبه مني”.
وأضاف وزير العدل أن من بين الإشكالات التي يطرحها المحامون في قانون المسطرة المدنية هو تسقيف الطعن في مرحلة الاستئناف عند 30 ألف درهم، حيث كانت منذ 1973 في حدود 3 آلاف درهم، وبهذا السعر كان يمكن شراء متر من الأرض في الدار البيضاء. وأضاف: “حين يكون المحامي مدعيا يرى هذا المبلغ غير معقول، ولكن حين يكون مدعى عليه وتستفيد منه تجده مناسبا”.
وأشار وهبي إلى أنه ناقش مع المحامين قضايا أخرى قدم فيها وجهة نظره كوزير يتبنى تصوره وله أغلبيته، وأضاف: “إذا أرادوا التغيير فعليهم أن ينخرطوا في الأحزاب ويشكلوا أغلبيتهم. نحن عندما كنا في المعارضة كنا نتعارك مع الأغلبية حتى نتعب و”ندخل سوق رأسنا”. أما الآن فبما أنني أملك الأغلبية، فعليهم هم أيضا أن ينخرطوا ويتقبلوا الواقع؛ هذه هي الديمقراطية، أم يريدون أن تتغلب الأقلية على الأغلبية”.
وتابع قائلا: “هناك مؤسسات دستورية، وبرلمان يقرر في القوانين. البرلمان قدم 1000 تعديل، وقبلنا أكثر من 100 تعديل، وتقولون إن وهبي كان ديكتاتوريا في المسطرة المدنية”، مضيفا أنه تواصل معه رئيس لجنة العدل والتشريع وأبدى استعداده للحوار مع المحامين، قبل أن يستدرك قائلا: “لكن سمعت كلاما آخر وسكت، وكان هناك اتصال ثان اليوم وحددوا موعدا، ثم تراجعوا عن الأمر”.
ومضى مستطردا: “بماذا يطالب المحامون الوزير؟ هل أن ينبطح أرضا على بطنه؟ لم أغلق أي باب للحوار ولم أمنع المفاوضات. الآخر يجب أن يفهم أن المفاوضات هي أن تأخذ الممكن وتتنازل عن غير الممكن. لقد كنت محاميا، ولكنني سأخون الأمانة إذا تصرفت كمحام بينما أنا وزير، لأنني مسؤول عن البلاد والمواطنين وليس فقط عن هيئة فيها 20 ألف محام”.
وأوضح وزير العدل أنه أطلع رؤساء هيئات المحامين على مسودة قانون مهنة المحاماة وطلب رأيهم، بحكم أن أقل واحد منهم له 40 سنة من الخبرة في المهنة، مضيفا: “طلبت منهم أن يبقى سريا حتى لا نثير الحساسية. لكن بعد 24 ساعة، وجدنا القانون مسربا، ومع ذلك التزمت الصمت وقلت لننتظر رأي المحامين”. وأضاف: “بدلا من أن أتلقى ملاحظاتهم أصدروا بيانات تتساءل عمن سرب القانون. هذا مشروع أتيت به في إطار تصوري السياسي ومسؤوليتي السياسية، فناقشني فيه”.
وشدد المتحدث على أنه “لم يحدث أن رفضت لقاء أي نقيب احتراما مني لصفته، وكانوا يطرحون المشاكل وعالجت العديد منها، وفي النهاية يقولون إن الوزير لا يتحاور! هناك فرق بين أن يتحاور الوزير وبين أن يكون في خدمتك. لن أقبل أن تخاطبني كمحام فقط، يجب أن تناقشني كوزير. الآن، هل تريدون مني قرارا كمحام أم كوزير؟”
وأشار وهبي إلى أن ما حز في نفسه هو سماعه للشتم والسب بكلام بذيء في احتجاجات المحامين بالدار البيضاء أمام أنظار النقباء دون أن يتدخلوا ليخبروهم بأن ينظموا مظاهرات ضد القانون وليس ضد شخص الوزير، مؤكدا أنه يفكر في مصلحة مهنة المحاماة، لأنها لن تستمر إذا لم نفهم أنها مهنة يجب أن تقوم على القانون، وشدد على أنه يريد تعزيز مكانة المحاماة ومنحها دورا أكبر.