الأحد, مارس 9, 2025
Google search engine
الرئيسيةالرئيسيةتيفناغ بين الشرعية العلمية والدستورية والاعتراف الدولي وموقف عميد كلية الآداب والعلوم...

تيفناغ بين الشرعية العلمية والدستورية والاعتراف الدولي وموقف عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس الخارق للدستور


تيفناغ بين الشرعية العلمية والدستورية والاعتراف الدولي وموقف عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية مكناس الخارق للدستور



ذ.محند الركيك
أستاذ التعليم العالي،حامعة سيدي محمد بن عبد الله
شعبة اللغة الأمازيغية وآدابها

0 – توطئة:
يطرح العديد من مناضلي الحركة الأمازيغية والأمازيغ، والمغاربة الناطقين بالعامية، وكل الغيورين على الثوابت الثقافية المغربية، والباحثين الجامعيين… يطرحون أسئلة عن السر في تمادي عمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس ،واستمراره في رفض تشوير واجهة المؤسسة بأبجدية تيفيناغ ؛ رغم مرور أكثر من 22سنة على اعتماد المملكة المغربية حرف تيفيناغ رسميا.
رغم تنبيهنا لهذا العميد- عبر مقالات وحوارات صحفية- إلى ضرورة تفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية، وتطبيق الدستور المغربي. سواء عبر خلق مناصب مالية لخلق مسلك الدراسات الأمازيغية، الذي أصبح مطلبا شعبيا جهويا ومجاليا ووطنيا ، وحقا دستوريا .ورغم أن تشوير واجهة الكلية بأبجدية تيفيناغ، لا يتطلب لا موارد بشرية ولا مالية، فإن هذا العميد أصرّ على رفض تنفيذ مقتضيات الدستور، و عارض بشكل ضمني قرار المؤسسة الملكية، والقانون المنظم لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية.
أسئلة محيّرة يطرحها المهتمون والمتابعون لهذا الملف.هل الأمر يتعلق بموقف إيديولوجي/ سياسي من تيفيناغ ،ومن الأمازيغية بشكل عام ؟، أم أنه إسقاط شخصي سيكولوجي، له ارتباط بما يسمى ب تغنانت(Le bras de fer ) taƔnnant ،أو ربما بتراكمات وراسب قبلية تولّدت عنها حمولة نفسية تختزل تنافرا إثنيا، لم تسلم منها جميع مناطق العالم؟.
أيا كان الأمر، فإن أي مسؤول غير مبال بتطبيق توجهات الدولة، أو أنه يقحم الذاتي بالمهني، لا يستحق أن يتقلد منصبا. من المفروض أن يتعالى فيه صاحبه على كل الحسابات الضيقة والتراكمات السيكولوجية الماضوية البالية.
شرعيات أبجدية تيفيناغ التي تبخسها العمادة
لن نكلف أنفسنا عناء تقديم محاضرة عن نظام تيفيناغ ،وما يرتبط بهذا النسق الصوتي-الأقدم في العالم -من ملامح صوتية وصواتية وفيزلولوجية (صفات ومخارج )،فكل هذه الأمور اللسانية متوفرة في الكتب ومحاضراتنا وفي قناتنا . لكن سنركز على المرجعيات التاريخية والأركيولوجية والدستورية التي شرْعنت لأبجدية تيفيناغ. و جعلت منه قانونا ملزما لكل المسؤولين ،بل وإرغامهم وتوجيههم بالتقيّد به وإصدار أوامر وتعليمات لتشويرهم لكل واجهات المؤسسات العمومية، واعتماد هذا الخط الرسمي الوطني في كل الوثائق والمراسلات ومن لافتات وندوات …
1-1الشرعية الأركيولوجية/ التاريخية :تعتبر أبجدية تيفنياغ إحدى أهم الأبجديات القديمة التي عرفها تاريخ الكاليغرافيات العالمية.استعملها الأمازيغ منذ أقدم العصور في بلادهم المترامية الأطراف (شمال أفريقيا، وصحراء الطوارق الكبرى وبوركينافاسو، ومالي والنيجر وتشاد وصحراء ليبيا وواحة سيوة و جزر الكناري). لسنا بحاجة لإثبات حقيقة اختراع الأمازيغ لأبجدية تيفناغ، فالأبحاث الأركيولوجية تؤكد أن المجال الجغرافي الذي سكنه الأمازيغ يعجّ بمواقع أثرية وجدت فيها تيفيناغ. في مقابل ذلك، فهي منعدمة ولا وجود ا لها أركيولوجيا في الشرق الأوسط و في جنوب أوروبا. وعليه، فالأمازيغ أول شعب اخترع أول نظام فونيمي في التاريخ منذ 3000 سنة قبل الميلاد. وما يؤكد مصداقية هذه الحقيقة العلمية والتاريخية،وهو الكم من الاكتشافات الأركيولوجية الباهرة، التي جعلت من المغرب خاصة وشمال إفريقيا عامة مهد الإنسان العاقل.
1-2 الشرعية الدولية والاعتراف الاممي باليوم العالمي ليتيفناغ
من المفروض والواجب على كل عميد أن يعلم ويدرك أن العالم يحتفل في 19نونبر من كل سنة باليوم العالمي لحرف تيفيناغ الذي اعتمده المغرب رسميا منذ 10 فبراير 2003. يبدو أن عمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمكناس تشكل حالة شاذة. إذ لا تعير أي اهتمام لا للقرار الملكي والرسمي لهذا النظام الأبجدي، الذي يجسد كنه الحضارة الأمازيغية الضاربة عمقها في شمال إفريقيا، ولا للاعتراف الأممي والعالمي ولا للشرعية التاريخية .ولعل ما يثير الاستغراب أكثر هو عدم تحرك أية جهة رسمية ضد هذا العميد وإرغامه على تنفيذ مقتضيات الدستور.
1 -3 الشرعية اللسانية: يعتبر حرف تيفنياغ الابن الشرعي للغة الأمازيغية ،بوصفها أعرق لغة تكلمها أقدم إنسان عاقل في العالم. حينما نؤكد نظرية عراقة اللغة الأمازيغية فنحن لا نطلق الكلام على عواهنه ،ولا نحذوا حذو بعض الدجالين الذين يروجون خرافة كون العربية لغة أهل الجنة ،بل نستند في ذلك إلى المنهج اللساني المقارن، والى ما يوفره النحو التوليدي la grammaire générative ، وتحديدا مبدأ OCP أو PCO(le principe du contour obligatoire ). وقد سبق لنا أن عالجنا هذه الإشكالية منذ سنوات.وبما أن المجال لا يسمح بنشر كل هذه الأمور اللسانية .فقد أثرنا تلخيصها في الآتي:
لازالت الأمازيغية تحتفظ ببعض الجذور الأحادية مثل “فعل الكينونة” (g) و”المقطع الأحادي المشكل من قطعة صائتية واحدة ؛
تغطي الجذور الثنائية جزءا أساسيا من المعجم الأمازيغي المتداول، ولازال المتكلم الفطري لهذه اللغة يستعملها بشكل مطرد ؛
الصامت الثاني للجذر الثنائي في الأمازيغية غير مكرر كما هو الحال في العربية Kr (قم،) مد= مدد. لكن الأمر ليس كذلك بالنسبة للصامت الأول حيث توجد صوامت أولى مضعّفة. وفي هذه الحالة، لا يجوز فك الإدغام في الأمازيغية؛
ثمة جذور على شكل (AAB) كما هو الحال في السريانية (م م د) وفي الأمازيغيةlly,ffr) (bby ، بيد أن مثل هذه الجذور لا تقبل فك الإدغام في هذه اللغة، وهو ما يؤكد حقيقة الأصل الثنائي، ويثبت، في المقابل، أن الإدغام في العربية والساميات هو نوع من التوسع والزيادة لحق الجذر الثنائي؛
لا يمكن أن نتنبأ بفرضية انقراض الجذر الثنائي في اللغة الأمازيغية، كما هو شأن اللغة العربية وباقي اللغات السامية؛ لأنه يشكل وحدة معجمية وصرفية أساسية؛
الجذر الثنائي خاصية مورفوفونو-معجمية ووحدة أساسية في الأمازيغية، ويندرج ضمن الخصائص التي تتميز بها الأمازيغية عن اللغات التي تقوم، في بنائها الصرفي والمعجمي، على الجذر؛
نظام الجذر (سواء كان ثنائيا أو ثلاثيا أو رباعيا) نظام ثابت لا يقبل التوسعات والزيادات كما هو الحال في العربية والساميات؛
ثمة جذور ثنائية تتشكل من صامت أول وحرف علة (nu,ru,su). وفي نفس السياق تتمتع الأمازيغية بمختلف فروعها بجذور تتشكل من C1 C1 وحرف علة من قبيل : bby lly ffy يشترط في الصامت الأول أن يكون مضعّفا، يحظر وجود متتالية جذرية من قبيل: C1C2C1 في جميع الفروع الأمازيغية عدا حالات السببية مثل SRS أو في جذور ثلاثية صامتية من قبيل :FRƔ,FRN,KRZ,FRN وغيرها من المقاطع الرخوة التي تتشكل نواتها من الصامت La syllabe dégénérée est une syllabe dont le noyau est une consonne (R ) . وتعتبر الأمازيغية من اللغات النادرة التي تتمتع ببنية مقطعية (ِC1C2C3) نواتها صامتية وذات قوة إسماع مثل الصامت(R ) .
على الرغم من كل الشرعيات التي يتمتع بها حرف تيفيناغ وتدعمه تاريخيا ولسانيا ودستوريا ، فإن عمادة كلية الآداب والعلوم الإنسانية لاتزال مصرّة على عدم تشوير واجهة الكلية بهذا الحرف الرسمي والرمزي. والأسوء أن هذه المؤسسة هي الوحيدة، من بين المئات من المؤسسات العمومية بمكناس، التي رفض عميداها، السابق والحالي، تشوريها بتيفناغ .برفضه لهذا القرار الدستوري يكون هذا المسؤول قد خرق الدستور المغربي. سلوك غير طبيعي يصدر من قبل مسؤول إزاء هذا الخط الذي اخترعه أجدادنا. وقد أسموه بتيفيناغ أي “اختراعنا”.تتشكل كلمة تيفيناغ من الجذر YUF ،ومن المورفيم nnƔ.وهو اختراع بدل فيه الأمازيغ القدامى مجهودا كبيرا. ومع ذلك أصرت هذه الإدارة على تبخيس هذا الإرث الإنساني العظيم الذي اعترفت به الأمم المتحدة وخصصت له يوما عالميا. وهذا لعمْري، نوع من الاستخفاف وانعدام المسؤولية .إذ لأول مرة نجد مسؤولا لا يحترم الدستور والثوابت الثقافية الوطنية.
2-معارضون للأمازيغية : منذ أن اقتُرح مشروع تأسيس مسلك الدراسات الأمازيغية ،تحقيقا لمبدأ العدالة المجالية وتلبية لمطلب جماهيري وشعبي، ظهرت أصوات مُشوّشة تعارض سرّا تأسيس مسلك الدراسات الأمازيغية بحجة عدم وجود أساتذة متخصصين- انعدام الرغبة- انعدام القاعات وغيرها من الحجج التافهة والواهية التي تخفي موقفا إيديولوجيا معاديا للأمازيغية. وفي مقابل هذه الأصوات الشاذة ،التي تعادي هذا الورش المجتمعي الطموح .لا يسعنا إلا أن نسجل باعتزاز وافتخار الموقف المشرّف للأستاذ الفاضل السي عبد العزيز العماري ،الذي وافق ووقّع على مشروع الدراسات الأمازيغية واحتضنه في شعبة اللغة العربية. وأذكر أن الزميل والصديق الأستاذ سعيد حنين هو أول من اقترح تأسيس هذا المسلك سنة 2014.
3- مشروع تأسيس مسلك الأمازيغية: حق دستوري وليس رغبة انتقال أستاذ
يمكن اختزال كرونولوجيا مطلب تأسيس مسلك الدراسات الأمازيغية في المحطات الآتية:
سنة 2014 اقترحه الأستاذ سعيد حنين، وبطلب منه جالسته مرات عديدة من أجل صوْغ مشروع المسلك، وقدّمه للشعبة التي ينتمي إليها، ووافق عليه رئيس شعبة اللغة العربية مشكورا ولا ندري لماذا رفض هذا المشروع؟. وحده الأستاذ صاحب المشروع يعرف السبب الرئيسي.
سنة 2017 ،اقترحه بل أعلن عنه رئيس الجامعة السابق في مناظرة وطنية بسلا بتأطير من الوزير السابق محمد حصاد وبحضور مئات المشاركين، وأنا العبد الضعيف واحد منهم. والتفاصيل يعرفها كل منْ كان متابعا للملف.
2024 بطلب من صديق الذي أقنعني بضرورة تقديم طلب الانتقال لتأسيس مسلك الدراسات الأمازيغية زاعما أن العميد الحالي سيرحب ويدعم المشروع لكونه أمازيغيا. ورغم أنني على وشك الاستقرار النهائي في فاس لاعتبارات ذاتية و عائلية ومهنية… فقد أخبرته بأنني مستعد لإضافة أعباء التنقل من فاس إلى مكناس، وقلت له ” على استعداد إذا كنا سنحل معضلة المئات من الطلبة، الذين يتجشمون عناء التنقل من روافد مكناس إلى فاس ،مع ما يترتب عنه من مصاريف مادية ومعاناة مادية تثقل كاهل الآباء وأولياء الأمر”.بقية البقية معروفة ولاداعي لبسطها في هذا المقام.
باختصار شديد، وردّا على بعض الإشاعات المغرضة، والتي يروّج لها بعض الأشخاص الذين يناصبون العداء للأمازيغية، مفادها أن فلان، في إشارة إلى شخصي المتواضع، يسعى إلى الانتقال إلى مكناس. أقول لمروّجي تلك السخافات” يصعب عليكم أن تدركوا معنى النضال و أن تكون مناضلا من أجل الهوية واللغة الأم التي ناضلنا عليها منذ أكثر من 3 عقود”.
على سبيل الختم :
إن تأسيس مسلك الدراسات الأمازيغية هو حق دستوري ، و مطلب جماهيري ومجالي وجغرافي . والدليل على ذلك، هذا الكم الكبير من الجمعيات الأمازيغية التي وقعت عريضة وجهت إلى الجهات الوصية، بغية إنصاف الأمازيغية لغة و ثقافة؛ و من أجل وضع حد لمعاناة طلبة روافد جامعة مولاي اسماعيل، و المنحدرين من جهات درعة تافيلالت و بني ملال- خنيفرة. تحقيقا لمبدأ العدالة المجالية، و تنفيذا لمقتضيات الدستور و للقانون التنظيمي وتفعيلا للطابع الرسمي للغة للأمازيغية. ما ضاع حق وراءه مطالب.






















Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات