كان كلما انتهى من الـ”بوكلاج” واطمأن قلبه إلى ذهاب صفحات الجريدة للطبع، يهرول بعد الظهر، إلى مكتبه، يوصد الباب ثم يجلس على الأريكة الشهيرة، ويتمدد عاريا ليطالع ما بين دفتي “مؤخرة” “السكرتيرة” التي كانت تنساق له طائعة، وفي مرات أخرى نساء كن مكرهات على ذلك.
هكذا كان يفعل “توفيق بوعشرين” أو لنقل هذا ما كان ديدنا يوميا لأبو الـ37 فيديو”، الموثقة لما كان يجري في سوق النخاسة، الذي لم يكن غير مكتبه الذي استباح حرمته، وحوله من مقر عمل كمدير نشر لـ”أحبار اليوم”، إلى “بورديل”، يمارس فيه الجنس بشتى أنواعه.
وكما أن “توفيق بوعشرين” يكون قد انتهى من تلاوة ما بين دفتي مؤخرة “عفاف برناني”، يعود أدراجه إلى الرباط، إلى أسرته، وهناك يرتدي لبوس التقية ومعه نظارة القرب مثل أي قاريء نهم، ويتمطى ليقرأ ما بين دفتي كتب الشاعر الأرجنيتيني “خورخي لويس بورخيس” والروائي الأمريكي “إرنست همنغواي”، وغيرهما.
وإن كان “توفيق بوعشرين” لا يستلذ في القراءة لكتاب عالميين، مثل مطالعته الأجساد الغضة لضحايا قهرهن غصبا وأخريات تغنجن له طوعا، فإنه الآن ليستلذ أكثر وهو خارج السجن بعد العفو الملكي، وشعور يخامره بأنه غير مدين لمن قسا عليهن وقهرهن بشيء، وبأنه خرج منها مثل الشعرة من العجين.
وكما أن العفو الملكي كان طوق نجاة لـ”دون خوان”، أو لنقل “حاج ثابت” الصحافة المغربية، فإن “توفيق بوعشرين”، لم يلتفت للأولويات التي كان يلزمه معالجتها منذ مغادرته أسوار السجن، بل قرر أن يتمطى ويتمطط مثل سنوري انتهازي، وكأن ليس هناك ما ينتظره.
وما ينتظر “توفيق بوعشرين” كثير، فهناك ضحايا يترقبن ويرتقبن وينتظرن إنصافهن وتعويضهن عما قاسينه وما شربنه حتى الثمالة من كأس الذل والهوان، على يد رئيس لهن لم يرحمهن في شيء وأمعن في إهدار كرامتهن وتدنيس شرفهن، مع أن ضحية فارقت الحياة ولا يزال ذنبها عالقا في رقبته.
والحق يقال إن ليس كل من واقعهن “توفيق بوعشرين” ضحايا، فهناك من تأتيه راغبة جاثية على ركبتيها تستجدي الجنس معه مثل “عفاف برناني”، التي تدعي العفة، وفبركة الفيديوهات التي توثق لما كان يجري وراء الباب الموصد لمكتب “السيد” مدير نشر الصحيفة التي كان البعض يكد فيها والآخرون يحصدون فقط.
ولعل في الفيديو الذي انتشر في مواقع إباحية يوثق لمعاشرة جنسية مقيتة بين السيد مدير النشر وكاتبته التابعة، ما يفيد بأن ليس هناك لا فبركة ولا يحزنون، وبأن ادعاءات “عفاف برناني” كونها بريئة ومديرها براء مما نسب إليه، ليس إلا رهان على أن لا شيء من ذلك موثق.
لقد خرج “توفيق” أبو الـ37 فيديو، ولم يبالي بغير نفسه، ظن أن سنوات السجن ستعفيه من مداواة جراح من آلمهن، من ضحاياه، ولم يبسلم هكذا جراح بكلام منمق أو تعابير تكشف أنه تاب بعدما شاب، بل تمادى في غيه، وراح يعبث فيما لم يعد يعنيه، وقد كسر شوكته بنفسه، بعدما ظهرت مخبوءاته الوضيعة.