اقترح المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي أن يتم دمج التكوين المهني، ما بعد الباكالوريا ضمن شبكة الديبلومات الجامعية بما يُمَكِّن خريجيها من تحقيق اندماج أفضل في سوق الشغل، مُنبهاً في الآن ذاته إلى خطورة ارتفاع نسب الهدر الجامعي وهجر الطلبة للكليات.
وأضاف المجلس، في تقريره حول “المدرسة الجديدة، تعاقد مجتمعي جديد من أجل التربية والتكوين من الرؤية الاستراتيجية إلى الرهانات التربوية المستقبلية”، أنه “بعد إصلاح وتثمين دبلوم الدراسات الجامعية العامة والمهنية والتقنية، يُقترح دمج التكوين المهني ما بعد الباكالوريا ضمن شبكة الدبلومات الجامعية (مستوى البكالوريا + سنتين)”.
وبرر “مجلس المالكي” دعوته إلى دمج التكوين المهني بالتعليم العالي بالإشارة إلى أن “الأول يعتبر مكوناً أساسياً من مكونات التعليم العالي من حيث أعداد المسجلين، وتكوين التقنيين المتخصصين، وتلبية حاجات القطاعات الاقتصادية”، مشيرا إلى أنه “بناءً على ذلك ينبغي تطوير وتثمين تكوينات التعليم العالي القصيرة العامة والتقنية والمهنية، بما يُدمج خريجيها بشكل أفضل في سوق الشغل”.
وبيَّن التقرير ذاته أنه “من المؤكد أن هذه التكوينات قد عرفت تطورا بفضل الاستراتيجيات القطاعية”، مسجلاً أن “العائق الرئيسي الذي يواجهها هو تعدد الفاعلين، مما لا يسمح بهندسة شاملة للتكوين، ويتطلب تكاليف باهظة، لا تسمح بتوسيع هذا العرض التكويني على نطاق واسع”.
وأورد المصدر ذاته أنه “ينبغي تصور الدمج المنشود على اعتبار أنه قيمة مضافة إلى جميع المكونات يمكن من تعزيز وتنويع التكوينات مع احترام خصوصيات كل واحدة منها من حيث حكامتها وتدبيرها”، لافتاً إلى أن “الإصلاح العميق للأسلاك الجامعية الأولى بالتعليم العالي ذي الولوج المفتوح أصبح ضرورةً ومطلباً مُلحاً”.
وانتقد التقرير ذاته “نسبة الاستنزاف غير المقبولة على المستوى الجامعي”، منبهاً إلى أن “حوالي نصف المسجلين الجدد بالشعب الجامعية ذات الولوج المفتوح يغادرون الجامعة، دون الحصول على أي شهادة، وهو ما يؤثر على أداء الجامعات، وله تكلفة اجتماعية ومالية كبيرة”.
وحيث إن نسبة الطلبة المسجلين بالإجازة الأساسية ذات الولوج المفتوح تفوق 95 بالمئة علما أن إجازة أساسية يتم تنظيمها غالبا من قبل كلية واحدة دون مساهمة التخصصات الأخرى فإن منح تكوين بتخصصات متعددة ومتنوعة يستدعي القيام بمجهودات كبيرة في هذا الشأن.
وأمام هذا الواقع غير الإيجابي، لفت المجلس إلى أنه “أصبح من الضروري اليوم إعادة النظر في هيكلة السنتين الأوليين من التعليم الجامعي، من خلال تثمين الدبلومات السابقة مثل دبلوم الدراسات الجامعية العامة، أو المهنية، أو التقنية باعتبارها شهادات تكوينية نهائية ذات قيمة عالية، أو باعتبارها شهادات تمكن من متابعة الدراسة بالإجازة الأساسية أو المهنية، على غرار تجربة دراسات السلك الأول الجامعي الكندي”.
وأضاف المصدر ذاته أنه “يجب أن يشمل هذا التكوين الجديد الذي يستغرق سنتين، مجموعة متنوعة من البرامج الدراسية، قصد تطوير التنمية الذاتية للطلبة، وتيسير اندماجهم بشكل حيوي في مجتمع اليوم والغد، وكذلك قصد الاستجابة لانتظارات سوق الشغل”.
ودعا التقرير إلى المزاوجة بين التعلم الحضوري والتعلم عن بعد، مشيرا إلى أن “اعتماد المرونة في تنظيم التعليم الجامعي من أجل ضمان المواءمة المثلى مع الواقع المعاش هو أمر مهم”، مشيراً إلى “تبني مقاربة نسقية مرونة التعلمات، وذلك قصد إحداث بيئات للتعلم ملائمة للتنوع المتزايد لفئة الطلبة، وكذلك لتلبية حاجيات المجتمع”.
وسجل المجلس الذي يرأسه الحبيب المالكي أن “المرونة هي مكون جوهري ضمن العرض التكويني، إذ بإمكانها أن تحدث تغييرا على مستوى الزمن (الوتيرة المدة) وفضاءات التعلم (داخل الحرم الجامعي وخارجه) ، وأنماطه (فردي جماعي) وكذلك على مستوى أهداف التكوين”.