لا حديث بين متتبعي الشأن المحلي بالمحمدية إلا عن كأس العالم 2030 ومدى جاهزية البنية التحتية لمدينة الزهور، من أجل استقبال محبي كرة القدم الذين سيأتون من كل حدب وصوب، حيث يثار نقاش وتُطرح تساؤلات حول توفر المدينة على المرافق التي سيحتاجها الزوار المغاربة والأجانب، ومن بينها “المراحيض العمومية”.
مراحيض الكرامة
عبد الرحمان رجراجي، متتبع للشأن المحلي بالمحمدية، قال إن “توفر المدينة على مراحيض عمومية أمر ضروري، لأنها تلبي حاجة إنسانية أساسية، خاصة أنها تستقطب عددا كبيرا من الزوار، سواء من داخل المغرب أو خارجه؛ ما يستدعي توفير هذه المرافق للحفاظ على كرامة الإنسان والحد من بعض السلوكيات غير اللائقة”، مؤكدا أن “القانون المغربي يجرم قضاء الحاجة في الأماكن العامة”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “المدينة تتوفر على إمكانيات كافية لإنجاز هذه المرافق وتعزيز بنيتها التحتية”، مشددا على أن “تحسين جودة الحياة لا يرتبط فقط بإحداث المراحيض العمومية؛ بل يتطلب أيضا تأهيل العنصر البشري لضمان حسن استغلالها وصيانتها”، لافتا إلى أن “الحفاظ على نظافة المدينة وجماليتها مسؤولية مشتركة بين السكان والجهات المعنية”.
وأكد رجراجي أن “القائمين على تدبير الشأن المحلي مطالبون ببذل المزيد من الجهود للنهوض بالبنية التحتية بشكل عام، وإنشاء مراحيض عمومية بشكل خاص”، مُعتبرا أن “المحمدية، التي كانت تصنف ضمن الحواضر الراقية بمرافقها وسكانها، تحتاج اليوم إلى إرادة قوية وإجراءات ملموسة تعيد إليها بريقها، من خلال الاستثمار في مشاريع تعزز جودة العيش وتواكب تطلعات الساكنة والزوار، بما يليق بمكانة المدينة”.
إشكالات مركبة
سحيم محمد السحايمي، رئيس جمعية زهور للبيئة والتنمية المستدامة بالمحمدية، قال إن “المدينة تُعد استثناء نظرا لموقعها الاستراتيجي بين الدار البيضاء والرباط، إضافة إلى احتضانها للعديد من الفضاءات والمرافق التي تجذب الزوار”، مذكرا بأن “المحمدية تستعد لاحتضان تظاهرات كبرى عالمية ككأس العالم 2030، مما يستوجب معالجة بعض الإشكالات التي كانت تُعتبر ثانوية في السابق؛ لكنها اليوم باتت ضرورية للمدن الحديثة والمستدامة”.
وأضاف السحايمي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “غياب المراحيض العمومية في المدينة يُعد من أبرز النقاط السوداء، حيث تظل هذه المرافق شبه منعدمة رغم الإصلاحات التي تشهدها بعض شوارع وأحياء المحمدية”، موضحا أن “المدينة ستكون أقرب نقطة للملعب الكبير المزمع تدشينه في أفق 2030، مما سيجعلها محطة عبور لجماهير غفيرة؛ وهو ما يستدعي التفكير بجدية في توفير مراحيض عمومية ومرافق صحية مناسبة”.
وأكد المتحدث ذاته أن “استمرار هذا الوضع أصبح غير مقبول، خاصة أن مدنا أخرى بدأت تتدارك هذا النقص عبر إدراج المراحيض العمومية ضمن مشاريعها التنموية”، مشددا على أن “غياب هذه المرافق بمدينة المحمدية يخلق إشكالات بيئية وصحية. كما يؤثر سلبا على راحة السكان والزوار، خصوصا في الفضاءات العامة التي تشهد حركة نشطة طيلة السنة”.
ونبه الفاعل الجمعوي ذاته إلى أن “ما كان يُعتبر قديما مسألة ثانوية أصبح اليوم ضرورة حتمية، لا سيما مع التطور العمراني الذي تشهده المحمدية”، لافتا إلى أن “المدينة تستقطب زوارا مغاربة وأجانب، وسيزداد عددهم بمناسبة تنظيم كأس العالم 2030؛ وهو ما يفرض تحسين جودة الخدمات الحضرية، بما في ذلك إنشاء مراحيض عمومية موزعة بشكل مدروس عبر الأحياء والمناطق الأكثر ارتيادا”.
وختم سحيم محمد السحايمي توضيحاته بالتأكيد على أن “توفير هذه المرافق يتطلب مقاربة شاملة تتجاوز مجرد إنشاء بنية تحتية وربطها بشبكة الصرف الصحي”، موضحا أن “الحل الأمثل يكمن في اعتماد مراحيض مستدامة تعتمد على إعادة تدوير المياه المعالجة”، داعيا في هذا السياق الجهات المعنية إلى “إدراج هذا المشروع ضمن مخططاتها الحضرية لضمان مدينة أكثر ملاءمة لساكنتها وزوارها”.
التأهيل المستدام
قال حسن بكوري، نائب رئيس المجلس الجماعي للمحمدية، المفوض له تدبير قطاع الأشغال، إن “ولاية المجلس الجماعي مستمرة إلى سنة 2027، والمجلس واعٍ بأهمية هذا النوع من المشاريع ضمن برنامج عمله”، لافتا إلى أن “المجلس شرع، منذ مدة، في تنفيذ إجراءات تأهيل الفضاءات والمنشآت، دون أن يكون ذلك مرتبطا فقط بمناسبة كأس العالم؛ بل كجزء من رؤية شاملة لتطوير البنية التحتية بالمدينة”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “شواطئ المحمدية مجهزة بالمراحيض العمومية، ويجري حاليا استكمال الإجراءات الضرورية لتشييد مرافق صحية جديدة قرب الحدائق العمومية، ومحطات سيارات الأجرة، وباقي الأماكن التي تعرف حركة مكثفة”، مشيرا إلى أن “هذه الخطوة تهدف إلى تعزيز الخدمات العمومية وتحسين جودة الفضاءات الحضرية بما يتماشى مع احتياجات المواطنين والزوار”.
وأكد المكلف بتدبير قطاع الأشغال بالمجلس الجماعي للمحمدية أن “العملية تتم وفق ثلاثة أشطر متتالية، بحيث يتم إنجاز شطر كل سنة، من أجل ضمان تنفيذ المشاريع بطريقة منظمة ومستدامة”، موضحا أن “هذه المقاربة ستمكن من تأهيل المدينة بشكل تدريجي، حتى تكون في مستوى انتظارات الساكنة والزوار، وتحقق معايير الجودة المطلوبة، بما يسهم في تعزيز جاذبية المحمدية كوجهة حضرية متكاملة الخدمات”.