شهد المغرب سنة 2024 تحولات اجتماعية مهمة تعكس توجهات الحكومة والمجتمع لتحقيق التنمية المستدامة ومواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية ، ومن خلال هذا التقرير سنقدم نظرة عامة على أبرز الإنجازات والتحديات التي واجهتها البلاد خلال العام.
الإنجازات الحكومية في المجال الاجتماعي
ركزت الحكومة المغربية على بناء الدولة الاجتماعية، حيث أحرزت تقدمًا في تعميم الحماية الاجتماعية. تم نقل 4 ملايين أسرة من نظام “راميد” إلى التأمين الإجباري الأساسي على المرض، بدعم سنوي قدره 9.5 مليارات درهم،
كما انخرط 2.4 مليون مهني من غير الأجراء في النظام الصحي، مع فتح الباب أمام 6 ملايين مستفيد إضافي، وتميز العام بإطلاق برنامج الدعم المباشر للأسر الفقيرة، حيث تم تخصيص 25 مليار درهم لدعم الأسر المستهدفة، بحد أدنى قدره 500 درهم شهريًا لكل أسرة.
التحديات المرتبطة بالبرامج الاجتماعية
رغم الإنجازات المحققة، تعرضت الحكومة لانتقادات تتعلق بنقص التغطية الفعلية للتأمين الصحي مقارنة بعدد المستفيدين السابقين في نظام “راميد” ،كما واجه برنامج الدعم المباشر صعوبات في استهداف الفئات الهشة بسبب قصور في دقة المؤشرات المستخدمة.
شهدت قطاعات التعليم والصحة اختلالات في تنفيذ البرامج الموجهة لتحسين الجودة، بينما ظلت الأزمات مثل الإضرابات عائقًا أمام تحقيق التقدم المنشود.
الفوارق الاجتماعية والتحديات الاقتصادية
استمرت الفوارق بين المناطق الحضرية والقروية في التأثير سلبًا على جودة الحياة ، حيث يعاني سكان المناطق النائية من ضعف البنية التحتية والخدمات الأساسية ،إضافة إلى ذلك، أدى التضخم المرتفع إلى تآكل القدرة الشرائية للطبقة المتوسطة وزيادة الضغوط الاقتصادية على الأسر ذات الدخل المحدود، مما أثّر على الاستقرار الاجتماعي.
التحولات المجتمعية والإصلاحات
عرف المجتمع المغربي تحولات بارزة في القيم الاجتماعية، حيث زادت الدعوات للمساواة بين الجنسين والحريات الفردية ،ومع ذلك، ظهرت تحديات مثل ارتفاع معدلات الطلاق وتأخر سن الزواج ، فيما يتعلق بالإصلاحات، أطلقت الحكومة مشاريع لتحسين النقل والإسكان، مثل برنامج الدعم المباشر للسكن الموجه للطبقة المتوسطة ،كما شهد العام اهتمامًا كبيرًا بمراجعة مدونة الأسرة، وهو ورش اجتماعي مهم يراهن الجميع على نجاحه لتأمين استقرار الأسرة المغربية.
التحديات البيئية والاقتصادية
استمرت جهود المغرب في تعزيز التنمية المستدامة عبر مشاريع الطاقات المتجددة، لكن البلاد واجهت تحديات بيئية مرتبطة بتغير المناخ وموجات الجفاف، مما أثر على الزراعة وموارد المياه وضغط على الاقتصاد الوطني ،
كما ظلت البطالة، خاصة بين الشباب وحاملي الشهادات العليا، تحديًا كبيرًا، حيث تجاوزت نسبتها 13%.
المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية
نتائج البحث الدائم حول الظرفية لدى الأسر التي أصدرتها المندوبية السامية للتخطيط أظهرت أن مستوى المعيشة تدهور بالنسبة لـ82.1% من الأسر خلال السنة الماضية، في حين توقعت 55.1% من الأسر أن يتدهور خلال السنة المقبلة ،وبالنسبة لتوقعات البطالة، فإن 82.8% من الأسر تعتقد أن معدلات البطالة ستشهد ارتفاعًا في الأشهر الاثني عشر المقبلة.
بالنسبة للوضعية المالية، أفادت 56.5% من الأسر بتدهور وضعيتها خلال السنة الماضية، بينما توقعت 30.6% من الأسر أن تستمر وضعيتها المالية في التدهور خلال السنة المقبلة، مقابل 16.7% التي توقعت تحسنًا ، أما
على صعيد الادخار، أشارت 90.2% من الأسر إلى تعذر قدرتها على الادخار في الأشهر المقبلة ،وفيما يخص أسعار المواد الغذائية، أكدت 96.4% من الأسر أنها عرفت ارتفاعًا خلال السنة الماضية، وتتوقع 82.1% من الأسر استمرار هذا الارتفاع خلال السنة المقبلة.
آفاق المرحلة المقبلة
مع دخول النصف الثاني من ولاية الحكومة، تبدو الحاجة ملحة لتحسين تنفيذ البرامج الاجتماعية وتعزيز الحوار المجتمعي حول القضايا الكبرى كالبطالة والإصلاحات التشريعية، كما يتوجب التركيز على دعم الفئات الهشة، الحد من التضخم، وتحقيق تنمية تقلص الفوارق الاجتماعية والمجالية ، كما أن ورش مراجعة مدونة الأسرة الذي يوليه صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، عناية خاصة ، يجب أن يضع في صلب أولياته الشق الاجتماعي بحماية الأسرة المغربية باعتبارها نواة المجتمع وضمان استمراريتها .
رغم التقدم المحرز، لا تزال التحديات الاقتصادية والاجتماعية تلقي بظلالها على واقع المواطنين ، تحتاج الحكومة إلى جهود إضافية لتحسين مستوى المعيشة وضمان استدامة البرامج الاجتماعية بما يخدم مصالح جميع فئات المجتمع.