طالب إدريس السنتيسي، رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، الحكومة بالكشف عن أسانيد تعديل المدونة ومرجعياتها، ومعالم السياسة الأسرية المزمع اعتمادها في ظل التغيرات السوسيو-ديمغرافية الأخيرة، والاستراتيجية التي ستنتهجها الحكومة لمواجهة التحديات الاجتماعية التي تواجه الأسر المغربية.
وذكر رئيس الفريق الحركي، في سؤاله الذي اطلعت عليه “العمق”، أن العديد من الخطب والتوجيهات الملكية، جثت على الدعوة إلى النهوض بالشأن الأسري، وذلك من منطلق أن الأسرة تعتبر الخلية الأساسية للتنشئة الاجتماعية، والدعامة الأولى للدولة الاجتماعية، من خلال مكوناتها المتمثلة في الرجل والمرأة والطفل، لافتا إلى أن التشاور والنقاش الذي دعا إليه الملك محمد السادس أفضى من أجل مراجعة مدونة الأسرة إلى مجموعة من اقتراحات التعديل.
وأشار السنتيسي، في سؤال شفوي محوري، وجهه إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش، إلى أن هذه التعديلات أثارت جدلاً واسعاً في المجتمع، مؤكداً على ضرورة التواصل الفعّال مع الرأي العام لتوضيح مضامينها. مشدداً على أن الأسرة تعد الخلية الأساسية للتنشئة الاجتماعية والدعامة الأولى للدولة الاجتماعية.
من جانبه، انتقد رشيد حموني، النائب البرلماني ورئيس فريق التقدم والاشتراكية، طريقة تعاطي الحكومة مع هذا الموضوع، واصفاً إياها بـ”التواصل الأعرج” الذي أسهم في انتشار النقاش السطحي على مواقع التواصل الاجتماعي. وأشار إلى أن بعض المنشورات المضللة والخالية من الدقة العلمية أصبحت تؤثر على الرأي العام أكثر من المعالجات المستندة إلى منهجيات علمية ومعرفة دقيقة.
ولفت إلى أنه لا يمكن لأي ديمقراطي سوى أن يكون قَلِقاً إزاء ما وصفه بالتطاول العلمي وإزاء “التشويش” الذي تتسم به بعض المنشورات السمعية أو البصرية عبر الإنترنت حول موضوع أساسي ودقيق كمدونة الأسرة، حيث يخبط البعض خبط عشواء، دون تمحيص ولا دراسة ولا كفاءة، بينما يتطلب الخوض في هكذا مواضيع التمكن المنهجي، فضلاً عن التمكن الموضوعي، على الأقل من أحد تخصصات القانون أو علم الاجتماع أو العلوم الشرعية أو العلوم والخبرة السياسية أو غير ذلك من الحقول المعرفية والعملية ذات الصلة.
وأكد حموني أن النقاش المجتمعي حول مراجعة مدونة الأسرة أمر إيجابي ومطلوب، لكنه أعرب عن قلقه من التطاول العلمي والتهجم غير الممنهج الذي بات يطغى على بعض النقاشات. وأوضح أن ضعف الوسائط المجتمعية مثل الأحزاب والنقابات والمنظمات ساهم في هذا الوضع، داعياً الحكومة إلى تبني أسلوب تواصلي أفضل يتيح إيصال الحقائق والمضامين إلى جميع المغاربة بطريقة واضحة ودقيقة.
وشدد على أن مراجعة مدونة الأسرة تتم في إطار التوجيهات الملكية التي تستند إلى ثوابت الأمة المغربية الدستورية والحقوقية والدينية. وأشار إلى أن الخطاب الملكي في يوليو 2022، والرسالة الموجهة إلى رئيس الحكومة في سبتمبر 2023، إضافة إلى جلسة العمل التي ترأسها الملك في ديسمبر 2024، كلها محطات أكدت على أهمية هذا الإصلاح.
وأضاف المتحدث أن الوقت قد حان لإطلاق نقاش هادئ وعقلاني يقوده أهل الخبرة والكفاءة من مختلف التخصصات. وأكد أن معركة المساواة بين المرأة والرجل لا يمكن اختزالها في النصوص القانونية فقط، بل يجب أن تكون جزءاً من معركة شاملة لتعزيز الثقافة الديمقراطية والحقوقية والارتقاء بالمجتمع إلى مستويات أعلى من العلم والمعرفة.
وأكد حموني على ضرورة إصدار الحكومة لنصوص تشريعية واضحة ودقيقة تعكس المصلحة العامة، مع تجنب المزايدات السياسية التي لا تخدم هذا النقاش المجتمعي الحيوي.