ثمن المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح، “المقاربة المنهجية التي شهدتها عملية مراجعة مدونة الأسرى في مرحلتها الأولى، تحت رعاية أمير المؤمنين الملك محمد السادس الذي أطّرها بعدد من الضوابط الشرعية والمنهجية، وفي مقدمتها عدم تحريم الحلال أو تحليل الحرام”.
وأشادت الحركة بـ”اعتماد مقاربة تشاركية تُنصت لمختلف مُكونات المجتمع المغربي، وبالحرص على عَرْض المقترحات على المجلس العلمي الأعلى لتبيين موقف الدين الإسلامي الحنيف تجاه القضايا المطروحة، وكذا المقاربة الرامية لحفظ مكانة المرأة وحقوقها وحماية حقوق الأطفال والمحافظة على كرامة الرجل”.
جاء ذلك في بلاغ للمكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح اليوم الأربعاء، توصلت جريدة “العمق” بنسخة منه، عقب اجتماعها الأسبوعي الذي خُصص لمناقشة مستجدات مراجعة مدونة الأسرة إِثْرَ صدور بلاغ الديوان الملكي في الموضوع.
وقالت الحركة إنها تثمن التوجيهات الداعية إلى التواصل مع الرأي العام بكل شفافية، بالنظر لخصوصية موضوع مدونة الأسرة بالنسبة لعموم المغاربة، داعية الجهات الوصية إلى تمكين الهيئات المدنية والسياسية والحقوقية وكذا الباحثين والمختصين من كافة المعطيات المتعلقة بالموضوع، من أجل نقاش عمومي بناء حول المشروع الجديد.
وشددت الحركة على ضرورة استصحاب المنهجية التشاركية في المراحل المقبلة، معبرة عن استعداد الحركة وجاهزيتها للتفاعل الإيجابي أثناء مرحلة الصياغة التشريعية والقانونية.
وأوضحت أن هدفها هو “الحرص على المساهمة الإيجابية لإصدار نص جديد يكون في مستوى تطلعات المغاربة، ويعمل على ضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، بما يضمن وحدتها واستقرارها والمحافظة عليها؛ باعتبار الأسرة القائمة على علاقة الزواج الشرعي هي الخلية الأساسية للمجتمع، وفقا لما نص عليه الدستور المغربي”.
وأول أمس الإثنين، أفاد بلاغ للديوان الملكي، بأن الملك محمد السادس، ترأس بالقصر الملكي بالدار البيضاء، جلسة عمل خصصت لموضوع مراجعة مدونة الأسرة.
وتأتي هذه الجلسة، بحسب البلاغ ذاته، في أعقاب رفع الهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، بعد انتهاء مهامها داخل الأجل المحدد لها، إلى الملك، تقريرا يتضمن أكثر من مائة مقترح تعديل، وبعد تفضل الملك بإحالة تلك المرتبطة منها بنصوص دينية على نظر المجلس العلمي الأعلى، الذي أصدر بشأنها رأيا شرعيا، وأيضا بعد قيام الملك بالتحكيمات الضرورية بالنسبة للقضايا التي اقترحت فيها الهيئة أكثر من رأي، أو تلك التي تطلب الأمر مراجعتها في ضوء الرأي الشرعي، والتي رجح فيها الملك الخيارات التي تنسجم مع المرجعيات والغايات المحددة في مضمون الرسالة الملكية الموجهة إلى رئيس الحكومة، وكذا تلك الواقعة في دائرة الضوابط المحددة لعمل الهيئة، وفي مقدمتها ضابط “عدم تحريم حلال ولا تحليل حرام”.
وأشار البلاغ إلى أنه خلال هذه الجلسة، قدم وزير العدل عبد اللطيف وهبي، بصفته عضوا بالهيئة المكلفة بمراجعة مدونة الأسرة، بين يدي الملك، عرضا حول طريقة ومنهج عمل الهيئة، لا سيما ما تعلق منها بجلسات الإنصات والاستماع التي نظمتها، وأهم المقترحات التي انبثقت عنها، والتي ضمنتها في تقريرها المذكور، بالإضافة إلى الغايات المرجوة منها.
كما عرض وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، بصفته عضوا بالمجلس العلمي الأعلى، خلاصات الرأي الشرعي للمجلس، التي قدمت التقعيد الشرعي الضروري لبعض مقترحات الهيئة، وفتحت “باب المصلحة” لإيجاد حلول مطابقة للشرع، بالنسبة لمقترحات أخرى. وهو ما شكل مناسبة لإبراز قدرة الاجتهاد البناء على استنباط الأحكام الشرعية، ووسطية واعتدال المدرسة الفقهية المغربية، المستمدة أسسها من الثوابت الدينية للمملكة.
وفي هذا الإطار، دعا الملك محمد السادس، المجلس العلمي الأعلى، إلى مواصلة التفكير واعتماد الاجتهاد البناء في موضوع الأسرة، عبر إحداث إطار مناسب ضمن هيكلته، لتعميق البحث في الإشكالات الفقهية التي تطرحها التطورات المحيطة بالأسرة المغربية، وما تتطلبه من أجوبة تجديدية تساير متطلبات العصر.
ولتوضيح المضامين الرئيسة لمراجعة مدونة الأسرة، فقد كلف الملك، خلال هذه الجلسة، رئيس الحكومة والسادة الوزراء، بالتواصل مع الرأي العام، وإحاطته علما بمستجدات هذه المراجعة، والتي ستسهر الحكومة، داخل آجال معقولة، على حسن بلورتها وصياغتها في مبادرة تشريعية، طبقا للأحكام الدستورية ذات الصلة.
وبخصوص المبادرة التشريعية لمراجعة مدونة الأسرة، وما سيليها من مناقشة وتصويت بمجلسي البرلمان، فقد ذكر الملك محمد السادس بالمرجعيات والمرتكزات التي ستؤطرها، والمتضمنة في الرسالة الملكية السامية المذكورة، ويتعلق الأمر بمبادئ العدل والمساواة والتضامن والانسجام، النابعة من ديننا الإسلامي الحنيف، وكذا القيم الكونية المنبثقة من الاتفاقيات الدولية التي صادق عليها المغرب.
كما أكد الملك، على ضرورة استحضار إرادة الإصلاح والانفتاح على التطور التي ينشدها جلالته، من خلال إطلاق هذه المبادرة الإصلاحية الواعدة، بعد مرور عشرين سنة على تطبيق مدونة الأسرة، وضمان الحماية الحقوقية والاجتماعية والاقتصادية للأسرة، والنظر إلى مضامين المراجعة في تكامليتها، وأنها لا تنتصر لفئة دون أخرى، بل تهم الأسرة المغربية، التي تشكل “الخلية الأساسية للمجتمع”، وهو ما يتطلب الحرص على بلورة كل ما تقدم، في قواعد قانونية واضحة ومفهومة، لتجاوز تضارب القراءات القضائية، وحالات تنازع تأويلها.
كما لفت الملك الانتباه إلى ضرورة العناية بكل المداخل الأخرى المدعمة والمعززة لمراجعة مدونة الأسرة، سواء عبر تدعيم تجربة قضاء الأسرة، ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية ذات الصلة، في ضوء الأحكام الدستورية الجديدة، وإعداد برامج توعوية تمكن المواطنات والمواطنين من الولوج إلى القانون، ومن استيعاب أكبر لحقوقهم وواجباتهم.
وذكر البلاغ، أن جلسة العمل هاته حضرها رئيس الحكومة عزيز أخنوش، ووزير العدل عبد اللطيف وهبي، ووزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، ووزيرة التضامن والإدماج الاجتماعي والأسرة نعيمة ابن يحيى.