أكد “اتحاد العمل النسائي” أنه رغم كل النقاشات الجادة التي واكبت ورش تعديل مدونة الأسرة، والمذكرات المطلبية الغنية التي قدمت للجنة المكلفة، فإن مقترحات التعديل التي تم تقديمها خلال اللقاء التواصلي للحكومة كانت مخيبة للآمال.
واعتبر الاتحاد في بيان أعقب مجلسه الوطني أن التعديلات خرجت عن المنهجية التي بدأ الاشتغال بها على هذا الملف، من لجنة موحدة باختصاصات مختلفة، إلى اختيار التواصل مع المواطنات والمواطنين من خلال قطاعين حكوميين، أعطيا الانطباع بوجود الاختلاف حتى قبل عرض المقترحات.
وسجل الاتحاد أن اختزال اللقاء التواصلي في مقترحات محددة دون تقديم أي توضيحات لطريقة تنزيلها وتطبيقها، فتح المجال للمغالطات وتحوير النقاش وتناسل خطابات التحريض على الكراهية والعنف من طرف مناهضي حقوق النساء، دون أي تدخل من الجهة المعنية للحد من هذه الانحرافات التي تقوض من أهمية هذا الورش المجتمعي.
وشدد على أن التعديلات المقترحة لا تستجيب لمطالب “اتحاد العمل النسائي” ولمطالب الحركة النسائية والحقوقية، المتمثلة في التغيير الشامل والعميق لمدونة الأسرة، الذي ينبني على مقاربة حقوقية ويقطع مع التمييز والحيف والظلم تجاه النساء، ويكرس علاقات التراتبية والتبعية باسم قوامة ذكورية تجاوزها الواقع بفضل كد النساء وكدحهن. حيث لم تمكن التعديلات الجزئية، رغم بعض إيجابياتها، من تحقيق العدل والمساواة والكرامة الإنسانية للنساء.
وأشار الاتحاد إلى أن التعديلات المقترحة لم تعتمد على مبادئ المساواة وعدم التمييز والمصلحة الفضلى للطفل، كمرتكز ناظم موجه لها، وكهدف جوهري للإصلاح، في تجاهل سافر لمقتضيات الدستور والمواثيق الدولية المصادق عليها من طرف المغرب، ولرهانات التنمية المستدامة والتقدم والعدالة.
وانتقد الاتحاد جعل آراء المجلس العلمي الأعلى بمثابة الكلمة الفصل في قضايا ذات أبعاد مجتمعية وحقوقية وسياسية واقتصادية، لا يمكن أبدًا اختزالها في البعد الفقهي، وهو ما يتعارض مع جوهر قضية إصلاح المدونة باعتبارها اختيار المجتمع الجدير بمغرب النصف الأول من القرن 21. مستغربًا كيف أن التعديلات احتكمت إلى قواعد وآراء فقهية تعود إلى قرون خلت، وتستجيب لخصوصية مجتمعات غابرة، بدل إعمال آليات الاجتهاد والانفتاح على روح العصر وعلى التقدم العلمي والتحولات الاجتماعية، وتطلعات ملايين النساء المغربيات إلى العدل والكرامة والإنصاف، التي تمثل في ذات الآن مقاصد الإسلام وغايته الفضلى.
واستغرب الاتحاد أيضًا من الإبقاء على استثناء تزويج الطفلات، رغم كل الدراسات والتقارير التي أبرزت عواقبه الوخيمة، وضدًا على ما تنص عليه الالتزامات الدولية والدستورية للمغرب. معتبرًا أن رفع السن المسموح به إلى 17 سنة ليس جديدًا، بل بدأ العمل به في العديد من المحاكم. إلى جانب رفض إلغاء تعدد الزوجات رغم المطالب الدائمة بالقطع معه نهائيًا، لما يمثله من انتهاك لكرامة وحقوق النساء والأطفال، وعدم إلغاء التعصيب المعروف أنه مجرد اجتهاد بشري وضعه فقهاء في ماضٍ كانت فيه العائلة ممتدة ضد نظام قبلي عتيق.
كما انتقد “اتحاد العمل النسائي” عدم إخضاع منظومة المواريث للمراجعة، باستثناء عدم إدراج بيت الزوجية ضمن مشمولات التركة، والسماح بالوصية والهبة بين زوجين مختلفي العقيدة، وهو ما جاري به العمل أصلاً في الأسر ذات العقيدة المختلطة. ورفض الخبرة الجينية كأساس لإثبات البنوة ولحقوق النسب بالنسبة للأطفال المولودين خارج الزواج.