أدركَ الفاعلون الاقتصاديون بالمغرب، بفعل توالي سنوات الجفاف، أنه بات من المستعجل تنويع الاقتصاد القروي وفك اعتماده شبه المطلق على الفلاحة، والذي يجعله عرضة للتقلبات المناخية ويضعف قدرة المجال القروي على خلق فرص الشغل والقيمة المضافة، ما يفاقم ظواهر سلبية كالهجرة القروية وزيادة العبء الاقتصادي على المدن.
وفي هذا السياق، تعد السياحة القروية أحد البدائل المثيرة للاهتمام بهدف إنعاش وتنويع الاقتصاد القروي المغربي، غير أن البنيات التحتية السياحية في المجال القروي ما زالت تفتقر للكثير، خاصة في مجال الفنادق والمطاعم وفضاءات الترفيه، على الأقل مقارنة بنظيراتها في المدن، خاصة وأن المغرب أبان في السنوات الأخيرة عن مؤهلات إيجابية في الارتقاء بعرضه السياحي.
ذلك كان موضوع سؤال كتابي، وجهه رئيس الفريق الحركي بمجلس النواب، ادريس السنتيسي، لوزيرة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فاطمة الزهراء عمور، تطرق فيه لموضوع “تشجيع السياحة القروية وتطويرها في المغرب”.
وفي معرض جوابها عن السؤال، أفادت الوزيرة بأنه في إطار خارطة الطريق للسياحة 2023 – 2026، أولت الوزارة أهمية كبيرة للسياحة القروية وخصصت لها ثلاثة سلاسل موضوعاتية، الطبيعة والرحلات في الهواء الطلق، والصحراء والواحات، والسياحة الداخلية الخاصة بالطبيعة.
وأكدت أن السياحة القروية “معنية بالسلاسل الأفقية المطبخ المغربي والمنتوجات المحلية والمهرجانات والمواسم، الصناعة التقليدية والمهارات المحلية، والإيواء البديل والتنمية المستدامة، إضافة إلى مشاريع قاطرة مثل المنتزهات الطبيعية في كل من إفران وتوبقال وسوس – ماسة”.
ولتطوير السياحة القروية، أشارت عمور إلى أنه يتم العمل على تعزيز الربط الجوي من خلال عقد شراكات مع شركات الطيران لفك العزلة عن المناطق التي تتميز بسياحتها القروية، وكذلك تأهيل الموارد البشرية للسياحة القروية من خلال الإرشاد السياحي في العالم القروي.
وأوردت أنه تم، من جهة أخرى، التوقيع على اتفاقيات لتطوير السياحة القروية مع كل من جهة بني ملال – خنيفرة بغلاف مالي قدره 172 مليون درهم، وجهة مراكش أسفي بغلاف مالي قدره 105 مليون درهم، وجهة درعة تافيلالت بغلاف مالي قدره 1.4 مليار درهم.
وأضافت “كما شرعت الوزارة في تنزيل برنامج تثمين 16 قرية سياحية، خصص له غلاف مالي يقدر بـ188 مليون درهم، تهدف إلى تحسين البنية التحتية كالإيواء السياحي المبتكر والمرافق الثقافية والترفيهية”. مبرزة أنه لضمان نجاح هذا البرنامج، تم عقد أربع شراكات استراتيجية مع فاعلين على المستويين الوطني والدولي لتقديم خبراتهم.
وكانت عمور قد أقرت خلال جلسة أسئلة شفهية بمجلس النواب، مستهل السنة الجارية، بأن السياحة القروية أصبحت مفضلة عند السياح المغاربة والأجانب، موضحة أن أنه تم خلال سنة 2023 إدماج 459 مرشد سياحي جديد في الفضاءات الطبيعية، وهو ما يمثل ارتفاعا بنسبة 52 في المئة.
واعتبرت أن برنامج دعم المقاولات السياحية الصغرى والمتوسطة، يشجع على الاستثمار في المناطق القروية بالقطاع السياحي، مؤكدة أن البرنامج يمكن من دعم الاستثمار بقيمة تصل إلى 35 في المئة من مبلغ الاستثمار الإجمالي، فضلا عن توفير الدعم التقني والخبرة.