وضع المنتخب الوطني المغربي قدما ونصف في نهائيات كأس العالم المزمع تنظيمها بالولايات المتحدة الأمريكية وكندا والمكسيك سنة 2026، بعد تغلبه على نظيره التنزاني، بثنائية دون رد، لحساب الجولة السادسة من التصفيات الإفريقية المؤهلة للمونديال، غير أن أداء العناصر الوطنية دب الخوف في نفوس الجماهير المغربية قبل أشهر قليلة من كأس إفريقيا المنظمة بالمملكة.
وبهذه النتيجة، ورفع المنتخب الوطني المغربي رصيده للنقطة الـ12 في صدارة المجموعة فيما يأتي منتخب تنزانيا في المركز الثالث برصيد 6 نقاط بفارق الأهداف عن النيجر، بينما يحتل منتخب زامبيا المركز الرابع برصيد 3 نقاط، بعد إيقاف الكونغو وانسحاب إريتريا، حيث حصد أسود الأطلس 15 نقطة خلال 5 مباريات بالعلامة الكاملة، وفي حال تحقيق التعادل فقط في التوقف الدولي المقبل، فسيضمن المنتخب المغربي تأهله للمحفل العالمي قبل جولتين من نهاية التصفيات، وهو إنجاز غير مسبوق في تاريخه الحديث، حيث اعتاد الفريق خوض تصفيات أكثر تعقيدًا وصعوبة في النسخ السابقة.
أداء غير مقنع
اعتبر المحلل الرياضي، عبد الرحيم أوشريف، أن ‘المنتخب المغربي لم يقدم في مجمل المباراتين أمام النيجر وتنزانيا أداء مقنعا”، حيث يرى أنه ” سيكون من الصعب بالنظر للأداء الحالي الوقوف ندّاً للندّ أو الفوز على منتخبات كبيرة، مشيرا إلى أن الوجه الذي ظهرت به النخبة الوطنية “لا يبشر بالخير رغم التوفر على لاعبين محترفين كبار وتركيبة بشرية قوية”، حيث إن ” الجمهور المغربي الذي كان ينتظر أداءً ممتازاً ومقنعاً بالنتيجة والأداء، لم يجد ذلك’، وفق تعبيره.
وأبرز أوشريف، في تصريح لجريدة “العمق”، أن “مستوى المنتخب المغربي في هذا التوقف لا يبعث على الارتياح”، مضيفا: “الجمهور المغربي بشكل عام ومنذ زمن يعشق كرة القدم، يحب الفرجة، يحب الأداء ويحب النتيجة، ولكي تجمع بين هذه الأشياء، يجب أن يكون لديك أولاً تركيبة بشرية في المستوى وملاعب متميزة، وهذه الإمكانيات كلها متوفرة عند المنتخب المغربي، غير أن الأداء لا يعكس ذلك”.
وتابع” “الجميع يعرف لاعبي المنتخب المغربي والدوريات التي يلعبون فيها، هناك اختيارات كثيرة جداً، وهناك تشكيلة في الملعب وتشكيلة أخرى في مقاعد الاحتياط، وهذه الإمكانيات تجعلنا ننتظر أداءً جيداً وأهدافاً كثيرة ويجب أن نصل إلى المرمى بعدد كبير من الهجمات وهناك أمور كثيرة يجب أن تعكس الإمكانيات التي يمتلكها المنتخب المغربي، لكن هذا ما لم نره رغم الإمكانيات الكبيرة المتوفرة”.
وزاد: “الأداء كان ضعيفا والهجمات كانت قليلة جداً خصوصاً في المباراة الأولى حيث شهدت خمس محاولات حقيقية فقط طوال اللقاء، رغم أن المباراة كانت ضد النيجر وهو منتخب متوسط جدا، مضيفا: “لا يوجد انسجام بين اللاعبين ولا يوجد تفاهم كبير بينهم كما أن توظيف اللاعبين لم يكن جيداً وهذه الأمور جعلتنا نقيم أداء المنتخب المغربي بأنه أداء غير مقنع وضعيف، وأداء جعل الجمهور المغربي يطرح العديد من الأسئلة، خصوصاً أننا على موعد كأس إفريقيا التي ستُقام في بلادنا وسنواجه منتخبات كبيرة”.
تدارك الموقف
من جهته، أكد المحلل والإطار الوطني، المهدي كسوة، أن التوقف الدولي لشهر مارس أظهر عددا من مكامن الخلل، غير أن ” تحقيق ثلاث نقاط ستجعلنا قادرين على تحقيق حلمنا مرة أخرى للمرة التالثة على التوالي بالتأهل لكأس العالم”، مشيرا إلى أن ذلك “لن يزيد كتيبة المنتخب الوطني إلا قناعات باكتساب تجربة جديدة وشخصية قوية للإقلاع على المستوى العالمي مرة أخرى”.
وبخصوص مباراة تنزانيا، قال كسوة، في تصريح لجريدة “العمق”: “بالنسبة للمباراة، أعتبر أنها يمكن تقسيمها إلى ثلاثة أجزاء، الجزء الأول كان من الدقيقة الأولى إلى الدقيقة العشرين، حيث كانت هناك تجليات واضحة للقيام بضغط عالٍ، من خلاله أغلقنا المنافذ الممكنة للتمرير أمام المنتخب التنزاني، وقد مكننا ذلك من تنفيذ ضغط عكسي جعل هناك أخطاء في التمرير من طرف المنتخب التنزاني، مما منح المنتخب الوطني فرصة استرجاع الكرة في فترة زمنية قصيرة”.
وتابع: “بعد الدقيقة العشرين، دخلنا في مرحلة من الفتور، حيث تأخرنا في تسجيل هدف، وهذا المعطى جعل المنتخب التنزاني يكتسب شيئاً من الثقة وبدأ بالخروج تدريجياً من مناطقه الدفاعية والتقدم شيئاً فشيئاً. وهكذا، عدنا إلى الوراء وبدأنا بتنفيذ ضغط متوسط، لكن للأسف يمكن القول إننا فشلنا فيه في عدة محطات، حيث تمكن المنتخب التنزاني من خلق فرصتين. لذلك، يمكن اعتبار أن نهاية الشوط الأول كانت عقيمة من حيث استغلال المساحات وكذلك خلق عدد كبير من الفرص”.
وزاد: “في الشوط الثاني، تغيرت الكثير من الأمور ببساطة لأننا غيرنا طريقة لعبنا وتمكنا من تنويع أسلوبنا، وهذه النقطة كانت السبب في اعتمادنا على اللعب المباشر ما منحنا زمناً ومساحة جيدين سواء للتفكير أو اتخاذ القرارات، ومن خلاله استغللنا المساحات التي تركها لاعبو تنزانيا”.
وبخصوص تقييمه العام لمستوى المنتخب المغربي، أوضح كسوة: ” الأداء على المستوى الفردي كان جيداً، لكن على المستوى الجماعي أرى أن العمل ما زال يحتاج إلى تحسين كبير، علينا تحسين مستوى استغلال بعض اللمسات أو المثلثات التي تكون سواء على الأطراف أو في عمق الملعب، وهذه نقطة يجب على المدرب وليد الركراكي مراجعتها في أوراقه، مع العمل بشكل أكبر على تطوير الأداء الجماعي قبل كأس إفريقيا”.
غياب الانسجام وتباعد الخطوط
بالحديث عن الأسباب وراء ظهور المنتخب المغربي بهذا الوجه الشاحب، نبه أوشريف لغياب الثقة بين اللاعبين كما لا يوجد انسجام كبير بينهم وهناك فراغ داخل المجموعة، وفق تعبيره، مضيفا: “الدليل على لا يوجد بناء للهجمة يسمح لنا بالوصول إلى المرمى ولا توجد تلك النهاية الهجومية خصوصاً أن الكرة عندما تأتي من الخلف لا تصل إلى النصيري أو المهاجمين بكثرة”.
وأضاف: “هذه كلها أمور تجعلنا نضع علامات استفهام على طريقة اللعب والنهج التكتيكي للمدرب، وعلى التفاهم الذي لا يوجد بين اللاعبين بالإضافة إلى توظيف اللاعبين والاختيارات، وإذا تحدثنا عن الاختيارات، خاصةً في الدفاع، فالكل يتحدث عن قلب الدفاع الذي لم نجد فيه بعد مدافعاً يمكن أن يلعب إلى جانب نايف أكرد.
وزاد قائلا: “الفريقين اللذين لعب المنتخب المغربي أمامهما كانا متراجعين إلى الخلف ولعبا بالدفاع، وبالتالي لا يمكننا أن نحكم على أداء المدافعين، حتى جواد الياميق لا يمكننا الحكم على مستواه، لأنه للحكم على المدافعين، يجب أن تلعب أمام فريق كبير يهاجم ويبحث عن الأهداف وما زلنا لم نجد قلب دفاع مناسباً جداً يمكنه أن يكون متفاهماً مع أكرد في المنافسات القادمة، سواء كأس إفريقيا أو المباريات الصعبة”.
وأكمل في هذا الصدد: “هاتين المباراتين ليستا معياراً للحكم على المنتخب المغربي بشكل عام أو على الدفاع، لكن ما زلنا لم نرَ تغييراً في النهج، ولم نشاهد طريقة أخرى للتعامل مع المباريات. المدرب في كل مباراة يجب أن يكون لديه نهج مختلف وطريقة خاصة للتعامل معها لكننا نشاهد نفس الطريقة ونفس النهج، مما يجعل الفرق تواجهنا بصعوبة أكبر تتراجع للدفاع، وتعرف أن المنتخب المغربي يعتمد على خطة محددة وتشكيلة ثابتة، ولم نعد نشاهد حلولا عندما تتراجع المنتخبات إلى الخلف وإذا تأملت المباراتين الأخيرتين، لن تجد تسديدات كثيرة خارج المرمى لا توجد حلول لاستغلال الركلات الحرة ولم نعد نبحث عن الركلات الحرة القريبة من منطقة الجزاء”.
تواضع الركراكي واستحالة الفوز بـ”الكان”
دعا عبد الرحيم أوشريف، الناخب الوطني، وليد الركراكي، للتواضع وعدم التعالي قبل نهائيات كأس أمم إفريقيا بالقول: ” الركراكي مطالب بأن يكون متواضعًا قليلا، ويحاول جلب مساعد يضيف له شيئًا ويقدم له أفكارًا واستشارات، كي نجد حلولًا لهذه المشاكل، لأننا لا يمكن أن نستمر في هذا المستوى ونتوقع تحقيق نتائج أمام منتخبات كبيرة في بطولات كبرى”.
وأضاف: “نحن جميعًا نخطئ. قد يخطئ وليد الركراكي، لكن يجب أن يكون هناك شخص يمكنه تصحيح خطأه، أو شخص يقدم له استشارة أو معلومة تساعده. لذا، أعتقد أن من الضروري جدًا تعزيز الطاقم الفني للمنتخب المغربي بمدربين أكفاء لديهم أفكار وتجارب كبيرة”.
وزاد: “من المستحيل أن نفوز بكأس أفريقيا إذا استمررنا بهذا الأسلوب وبهذا النهج ولا يمكننا الفوز بهذه الطريقة إلا إذا كانت هناك معجزة خصوصًا أن كأس أفريقيا ستقام في بلادنا وفي ملاعبنا، ولا يمكننا أن نضيع هذه الفرصة، من المهم أن تكون هناك إصلاحات وتغييرات، نحن لا نطالب بتغيير المدرب، ولكننا نطالب بالإصلاح وهناك نقاط ومشاكل يجب إصلاحها لكي يظهر المنتخب المغربي في كأس إفريقيا كما رأيناه في كأس العالم”.