بعد مرور أكثر من شهر على بدء صرف مساعدات إعادة الإعمار للمتضررين من فيضانات الجنوب الشرقي، لم يتمكن المعنيون بعد من الشروع في عملية تأهيل وإعادة بناء مساكنهم المنهارة جزيئا أو كليا، جراء “كارثة شتنبر”؛ ففيما لم يتوصل بعض منهم بتصاميم البناء إلا خلال هذا الأسبوع، لا يزال آخرون ينتظرون “بفارغ الصبر” هذه التصاميم، خُصوصا أن المكان الذي يُؤون فيه “لا يقي برد الشتاء القارس بالأطلس الصغير”.
وعلى الرغم من إقرار متضررين بإقليم طاطا بمجهودات السلطات المحلية والإقليمية من أجل تسريع وتيرة تسوية وضعيتهم، فإنهم يُسجلون “وجود تأخر مقلق في تسليم البقع المنتمية للأراضي السلالية التي ستتم عليها إعادة بناء المساكن المنهارة، وكذا في التوصل بتصاميم البناء التي يُرتقب أن يساهم فيها المتضررون بمبالغ رمزية”.
بالمقابل، كشف معنيون بالإقليم ذاته أنه “جرى اليوم تحديدا منح تصاميم البناء لبعض المتضررين، على أن التأخر في هذه العملية مرده إلى كثرة التصاميم التي يتعين على المهندس المكلف إعدادها”، مؤكدين أن وتيرة تسوية وضعيتهم “جيدة” وأنه “لا يرتقب مواجهة صعوبات بعد الشروع في عملية إعادة البناء؛ بالنظر إلى توفر مواده بالأثمنة ذاتها الموجودة في الظرفية العادية، ووجود ربط طرقي يسمح بوصول هذه المواد دون مشقة”.
في هذا الإطار، أفاد متضرر من دوار تيكسلت بإقليم طاطا، فضّل عدم الكشف عن هويته، بأن “جميع المتضررين في الدوار تلقوا مساعدات إعادة الإعمار؛ إلا أنه لا أحد منهم تمكن من الشروع في عملية إعادة بناء منزله، نظرا لأنهم لم يتسلموا بعد البقع الأرضية الخاصة بهم، على الرغم أن السلطات كانت حددت منذ حوالي شهر الأرض السلالية التي سوف تُمنح فيها هذه البقع، ولعدم توصلهم بعد بتصاميم البناء”.
وأوضح المتضرر ذاته، في تصريح لهسبريس الإلكترونية، أن “مسؤولي السلطات المحلية والمنتخبة بالمنطقة، حين استفسارهم عن سبب تأخر تسليم البقع وتصاميم البناء يخبرون المتضررين بأنهم بصدد إنجاز الوثائق الإدارية اللازمة لذلك وانتظار قدوم تصاميم البناء من العمالة”، كاشفا أن “المعنيين لن يؤدوا الأثمنة الحقيقية لتصاميم البناء؛ لكنهم ملزمون بأداء جزء منها، كما أنهت إلى علمهم السلطات”.
وشدد المُصرح عينه على أنه “بشكل شبه دوري تتواصل النساء المتضررات مع السلطات المعنية؛ إلا أنه “لا يوجد شيء” حتى الآن”، بتعبيره، مُردفا أنه “لذلك، لم يشرع المتضررون بعد في اقتناء مواد البناء بأموال مساعدات الإعمار التي تلقوها”.
وتابع: “هذا الوضع اضطر متضررون بالدوار (خمسُ أسرٍ في المجموع) إلى البقاء في المدرسة التي خُصصت لإيوائهم”، مُشيرا إلى “معاناتهم بها جراء اشتداد البرد القارس، والتي تتعمق بالنسبة لمن ينامون بفضاءات ‘شبه مفتوحة’ من الناحية العملية، كمطعم المدرسة”.
بالمقابل، كشف محمد أيت بلا، فاعل جمعوي بدوار القصبة جماعة تيسينت إقليم طاطا، “توجه المتضررين بالدوار لأجل التوقيع على الوثائق الإدارية اللازمة للحصول على تصاميم بناء منازلهم، بعدما كان المهندس قد زار البقع التي سوف تقام عليها، والموزعة عليهم من قبل الجماعات السلالية”، مُشددا على أن “ما أخر الشروع في إعادة الإعمار بالدوار هو كون المهندس كان مطالبا بإعداد تصاميم لما يصل إلى 35 شخصا، يمثلون المتضررين بالدوار”.
وأوضح أيت بلا، في تصريح لهسبريس الإلكترونية، أن “13 شخصا من أصل 35 متضررا بالدوار، توصلوا بتصاميم البناء الخاصة بهم، وهم بصدد التوصل من السلطات المعنية برخصهم من أجل مباشرة إعادة بناء وتأهيل مساكنهم”.
وأضاف الفاعل الجمعوي بدوار القصبة جماعة تيسينت بإقليم طاطا أن “المهندس المكلف سوف يباشر عملية إعداد تصاميم البناء المتبقية، خاصة أن جميع المتضررين توصلوا بمساعدات إعادة الإعمار”.
وأكد محمد أيت بلا أن “المتضررين سوف يؤدون ثمنا رمزيا مقابل تصاميم البناء؛ فالمهندس لديه تحملات وضرائب في نهاية المطاف، على أن الجماعة سوف تساهم بأثمنة رمزية كذلك في هذا الإطار”.
وذكر المتحدث ذاته بأنه “بالفعل لم يشرع أيّ من المتضررين في إعادة بناء منزله، إلا أن الوتيرة التي تسير بها عملية تسوية أوضاعهم حتى الآن مبشرة وجيدة”، مستبعدا أن “يواجه هؤلاء أية صعوبات خلال عملية إعادة البناء، بما أن أسعار مواد البناء مستقرة في مستوياتها السابقة، والطرق اللازمة لإيصالها من مركز طاطا متوفرة”.
ولفت إلى أن “البقع التي جرى توزيعها على المتضررين من أجل إعادة تأهيل وإقامة مساكنهم عليها بعيدة من الشعاب والأودية، حرصا من السلطات على تفادي مواجهتهم كارثة أخرى في حال تعرضت المنطقة لفيضانات مماثلة لتلك التي حدثت في شتنبر الماضي”.