أفاد معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى بأنه “في حال عجزت الولايات المتحدة وشركاؤها الأوروبيون عن معالجة النزاعات القائمة حول حقوق التجارة وقضية الصحراء، فإن ذلك قد يفسح المجال أمام روسيا والصين لتعزيز نفوذهما في المغرب”.
ورد ذلك في مقال تحليلي أعدته الباحثة الزائرة سهير مديني، وهي باحثة مقيمة في وزارة الخارجية الفرنسية. وأوضحت أن محكمة العدل الأوروبية أصدرته في أكتوبر الماضي حكمًا يلغي اتفاقيات تجارية بين الاتحاد الأوروبي والمغرب بشأن المنتجات الزراعية والسمكية، بسبب تضمينها لمنطقة الصحراء. وردًا على ذلك، أكدت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين والممثل الأعلى السابق جوزيب بوريل أن “الاتحاد الأوروبي يعتزم بشدة الحفاظ على العلاقات الوثيقة مع المغرب وتعزيزها”.
وأشارت مديني إلى أن رد المغرب كان أكثر توازنًا مقارنة بما حدث عام 2016 عندما ألغت المحكمة الأوروبية اتفاقية تجارة حرة مشابهة، ما أدى إلى تعليق العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد.
المغرب، الذي يتمتع بعلاقات سياسية واقتصادية قوية مع الاتحاد الأوروبي، أعلن أنه لا يعتبر نفسه معنياً بالقرار بأي شكل. وربطت الباحثة هذا الموقف بسياق دعم دول أوروبية رئيسية مثل فرنسا وإسبانيا لمقترح الحكم الذاتي الذي قدمه المغرب لحل نزاع الصحراء. حيث يعكس هذا الدعم الأوروبي تحسناً ملحوظاً في موقف الاتحاد تجاه القضية، مقارنة بردود الفعل المغربية القوية في حالات مشابهة في الماضي، بحسب مراقبين.
وترى الباحثة أن الحكم قد يدفع المغرب إلى تعزيز علاقاته مع الصين وروسيا إذا لم تُتخذ خطوات لحل الأزمة. كما أشارت إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، التي اعترفت بسيادة المغرب على الصحراء عام 2020، قد تعود لتفعيل استثمارات أمريكية كبيرة في الصحراء عندما يتولى ترامب السلطة مجددا.
ورغم تردد إدارة بايدن في تبني موقف واضح، فإنها لم تتراجع عن قرار ترامب، مما يعزز من احتمالات توسيع الاستثمارات الأمريكية في الصحراء، وفقاً لمصادر دبلوماسية.
ومع ذلك، فإن الاتحاد الأوروبي يظل الشريك التجاري الأكبر للمغرب، مما يجعل أي تحول كبير نحو الولايات المتحدة محدودًا. وشددت الباحثة على أن أن تحقيق استثمارات واسعة النطاق، سواء أوروبية أو أمريكية، يعتمد على ضمان الأمن في الصحراء.
ويحذر المحللون من أن استمرار النزاع القانوني قد يدفع المغرب للتقارب مع روسيا والصين، وهما منافسان رئيسيان للغرب في المنطقة. حيث جددت روسيا مؤخرًا اتفاقية صيد الأسماك مع المغرب، بينما أبرمت الصين مذكرة تفاهم مع شركات مغربية وسعودية لتطوير مشروعات الهيدروجين الأخضر في الصحراء.
وتؤكد التقارير أن الرباط تسعى لتوسيع شراكاتها مع أي أطراف دولية تدعم القطاعات التي تعتبرها أولوية وطنية، بما في ذلك الطاقة المتجددة. ومع ذلك، فإن عودة ترامب المحتملة قد تضغط على المغرب لتقليص علاقاته مع الصين إذا ما قررت واشنطن اتخاذ موقف أكثر صرامة تجاه بكين.
هذا التوجه قد يضع المغرب في موقف معقد إذا ما عادت إدارة ترامب للضغط على الدول الحليفة لتقليص علاقاتها مع الصين. ومع ذلك، يبدو أن الرباط ملتزمة بتطوير شراكات متعددة الأطراف بما يخدم أولوياتها الاستراتيجية، بحسب خبراء.