دقيقة واحدة مضت
بوعزة ناصر
انتشر بين المتعلمين والمتعلمات في مختلف المدارس والمؤسسات المغربية “تراند شوكولا”، حيث التسابق نحو شراء شوكولا وحلويات وورود وتقديمها كهدايا لرجال ونساء التعليم، بل هناك من أقدم على إهداء مدرسه أو مدرسته “أتاي وقالب السكر ومشروبات غازية”، كعربون على المحبة والتقدير والاحترام ورد الجميل لمن قال في حقهم أمير الشعراء أحمد شوقي :
قم للمعلم وفه التبجيلا **
كاد المعلم أن يكون رسولا
وذلك بعد مجموعة من أحداث العنف و التنمر التي يتعرض له رجال ونساء التعليم في السنوات الأخيرة.
أما عن بداية الحكاية حسب بعض الروايات، فقد يشاع أن القصة بدأت من دولة تونس، وذلك بعدما تعرض أحد الأساتذة للتنمر من طرف تلامذته، ودخوله في صراع وسب معهم، وأقدم بعضهم على الشكوى ضده أمام المحكمة. ما جعله يواجه ضغوطات كبيرة أزمت نفسيته ودفعته إلى الانتحار حرقا. وقد أثار الحادث غضبا واستنكارا في المدارس والشوارع والمجتمع بصفة عامة. وعم السخط ضد التلاميذ أصحاب الفعل، ودعت ناشطة وحقوقية تونسية إلى حملة بعنوان: “قدم شوكولا للأستاذ”، فكانت حركة “الحلوى والشوكولا والسكر” مبادرة من طرف التلاميذ لإصلاح ما أفسدته الفئة المتنمرة، انتقلت بسرعة البرق إلى باقي الدول العربية وعلى رأسها المغرب.
وقد رأى الكثير في هذه المبادرة التفاتة بسيطة ورائعة في حق رجال ونساء التعليم، تحسهم بمكانتهم المرموقة والمحفوظة في قلوب الآخرين، وبعملهم ومجهوداتهم الجبارة ودورهم الكبير في تنشئة الأجيال. بينما فئة انتقدتها واعتبرتها حملة فيسبوكية عابرة ولا علاقة لها بالحب والتقدير، أو مجرد محاولة تلاميذ تأثير على مشاعر الأساتذة لشراء النقطة ونحن على مشارف نهاية الدورة الأولى. وهنا نتساءل: أليس من حق التلاميذ التصالح مع ذواتهم وأساتذتهم والتكفير عن أخطائهم؟ ألا يستحق الأستاذ هذه الحركة البسيطة التي تدخل عليه البهجة والسرور وتدفعه إلى المزيد من العطاء؟ لماذا ننظر إلى مثل هذه الأمور نظرة سوداوية خاصة عندما يتعلق الأمر بأصحاب البدلة البيضاء؟ هل الانتقاد والتبخيس يجري في عروقنا حتى في غير محله؟
كان الأجدر التنويه بهذا السلوك الجميل وتشجيعه، لأنه رغم بساطته فله وقع كبير وأعاد العلاقة الطيبة بين الطرفين، فما أحوجنا إلى مثل هذه الخطوات داخل مجتمعنا، لكي تعود قيم التسامح والاحترام والتقدير. وحبذا لو تُرجم على الأرض الواقع من طرف أبنائنا في أداء الواجبات المنزلية والمشاركة في كافة الأنشطة وعودة هيبة المدرس داخل المجتمع، وعدم الإساءة إليه ومعالجة الظواهر السلبية التي تمس بشخصه في المؤسسات والأقسام، ولن يتحقق ذلك إلا بالانخراط الكامل لكل الفاعلين في القطاع في وضع المدرس في المكانة التي يستحقها والإعلاء من شأنه معنويا وماديا.