الجمعة, يناير 24, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيتراجع التلقيح ضد "بوحمرون" إلى 60%.. وزارة الصحة في مرمى الانتقادات

تراجع التلقيح ضد “بوحمرون” إلى 60%.. وزارة الصحة في مرمى الانتقادات



أزمة وبائية تعيشها البلاد في الوقت الحالي، إذ إن الانتشار الذي يعرفه داء الحصبة (بوحمرون) في المغرب هو غير مسبوق منذ سنوات؛ بل والأكثر من ذلك هو أن هذا الداء أزهق أرواح أكثر من 120 شخصا ثلثهم أطفال. وفي المقابل، غياب تواصل لوزارة الصحة والحماية الاجتماعية، وسط تساؤلات حول من يتحمل المسؤولية في الوضعية الحالية؟.

وأكد خبراء أن المنظومة الصحية في المغرب تعيش أزمة عميقة تهدد بتفاقم الأوضاع، مع تسجيل تراجع غير مسبوق في معدلات التلقيح ضد بوحمرون، وانخفاضها من 95 في المائة إلى 60 في المائة في بعض المناطق.

وسط انتقادات لغياب خطط استباقية وتواصل فعال، تحذر أصوات طبية وحقوقية من خطورة هذا الوضع الذي يهدد حياة المواطنين ويكشف اختلالات هيكلية تستوجب إصلاحات عاجلة.

في ظل هذه الوضعية توجه الانتقادات إلى وزارة الصحة والحماية الاجتماعية؛ فإلى حدود اليوم، لم يظهر أمين التهراوي، وزير الصحة والحماية الاجتماعية، للحديث عن الموضوع، ولم يسجل له أي مرور ما عدا حضوره بالبرلمان قبل ثلاثة أسابيع للحديث عن الموضوع.

وفي وقت كان يُنتظر فيه حضور الوزير الوصي على قطاع الصحة للجواب عن أسئلة الصحافيين خلال ندوة الناطق الرسمي باسم الحكومة المنعقدة بالأمس؛ لكن الأمر لم يتم، بل اكتفى الناطق الرسمي باسم الحكومة بالجواب عن أسئلة الصحافيين دون تقديم أية توضيحات شافية ولا حتى الإدلاء بأرقام في هذا الصدد.

حاولت هسبريس التواصل مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية للتساؤل حول سبب هذا الصمت الرهيب بشأن الموضوع؛ لكن جوابنا ظل معلقا إلى حدود الساعة.

من يتحمل مسؤولية تراجع التلقيح؟

على صعيد آخر، قال الطيب حمضي، طبيب وباحث في السياسات والنظم الصحية، إن “تراجع معدلات التلقيح، الذي انخفض من 95 في المائة إلى ما هو أقل بكثير حتى حوالي 60 في المائة في بعض المناطق، يطرح تساؤلات كبرى، يمكن أن يُعزى إلى ظاهرة التردد اللقاحي أو حتى الإضرابات والتوقفات المتكررة في القطاع الصحي، وتخوف الآباء، بالإضافة إلى تراخي المراقبة الوبائية كما أشارت إلى ذلك مذكرة وزارية في شهر مارس 2024 وعدم الانتباه الفوري والجدي بعض الحالات المرضية في بداية عودة المرض”.

أما عن إمكانية أن تكون فترة الحجر الصحي إبان كورونا أثرت على تراجع التلقيح ضد بوحمرون، فعلق حمضي: “جائحة كوفيد-19 أثرت بشكل كبير على الخدمات الصحية؛ بما في ذلك علاج الأمراض المزمنة وتلقيح الأطفال. حتى مع عودة حملات التلقيح، لاحظنا تخوفا لدى الآباء من العودة إلى المستشفيات بسبب التخوف من كورونا وبسبب الأخبار الزائفة التي زادت من حالة القلق لدى الأسر”، لافتا إلى أن الأمر ليس هو السبب الوحيد؛ بل هناك أسباب أخرى، أهمها “تراخي المراقبة الوبائية”.

وأوضح الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية، في حديثه مع هسبريس، أن أهمية التلقيح والرقابة الصحية تبرز أكثر مع ظهور حالات أمراض مثل الحصبة (بوحمرون) أو التهاب السحايا (المينانجيت) مثلا، “حيث يجب التعامل مع هذه الحالات بالجدية الكافية؛ مما يسمح بمحاصرتها قبل تحولها إلى بؤر كبيرة، ومن ثم وباء”.

وقال حمضي إنه “يجب التساؤل كذلك عن مدى استمرارية اليقظة من تعثرها في تقديم اللقاحات بالمراكز الصحية والتي مكنت بلادنا من أن تكون رائدة عالميا في تلقيح الأطفال لسنوات متتالية عديدة، والذي قد يكون مرتبطا بالتوقفات عن العمل أو نقص الموارد البشرية أو عدم تثمين وتشجيع المهنيين الصحيين. مما قد يكون زاد الوضع سوءا”.

وأردف المتحدث عينه: “السؤال الرئيسي هو: كيف انخفضت نسبة التلقيح بهذه الطريقة من 95 في المائة إلى 80 فـ70 في المائة فـ60 في المائة في بعض المناطق دون أن يتم الانتباه إلى ذلك في حينه؟ ودون إشعار المجتمع أو اتخاذ إجراءات استباقية؟”، مؤكدا أن “المسؤولية هنا تقع على عاتق الجميع، ومنها وزارة الصحة تتحمل جزءا كبيرا من هذه المسؤولية باعتبارها الوزارة الوصية وباعتبار القطاع العام هو المسؤول الأول عن برامج التلقيح”.

وشدد الطبيب على أن “المطلوب الآن هو تعزيز التواصل الأسبوعي وتقديم أرقام دقيقة ومحدثة حول الوضع الصحي، مع تساؤلات جدية حول سبب تراخي المراقبة الوبائية (الإبيديميولوجية)”.

وأبرز حمضي أن “الإجراءات يجب أن تتضمن: استئناف حملات التلقيح بفعالية، وتعزيز ثقة الأسر من خلال حملات توعية شاملة، وتحسين الرقابة الوبائية واتخاذ إجراءات فورية عند ظهور أي حالات مرضية”.

ونبه الطبيب والباحث في السياسات والنظم الصحية إلى أنه “من الضروري التعامل مع هذه الأزمة بجدية، والعمل على تحسين النظام الصحي لضمان عدم تكرار هذا”.

“بوحمرون” يواجه صمت الحكومة

من جانبه، قال علي لطفي، رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، إن “التواصل الذي تنتهجه وزارة الصحة والحماية الاجتماعية يعاني من ضعف كبير، مع غياب المعطيات الحقيقية منذ عام 2019 بشأن الانتشار غير المسبوق لبعض الأوبئة”.

وشدد لطفي، ضمن تصريح لهسبريس، على أن “الوزارة تفتقر إلى تواصل فعّال مع الأطراف المعنية، حيث اقتصرت تصريحاتها على الخروج بشكل باهت وغير شافٍ”.

وأوضح رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة أنه “من غير المقبول أن يصرّح طبيب أو مسؤول بعبارات مثل “لا نفهم ما يحدث”، في وقت تتطلب فيه الأزمة وضوحا وتخطيطا محكما”.

وأضاف الفاعل الحقوقي والمدني أن المديريات الجهوية والمندوبيات الصحية لم تشهد حتى الآن أي اجتماع مخصص للتعبئة لمواجهة الوباء، وأن العديد من المسؤولين الإقليميين لا يملكون تصورا واضحا عن الوضع، في ظل غياب أية مذكرات توجيهية أو خطط واضحة لمجابهة الأزمة.

وفي هذا الصدد، انتقد لطفي بشدة غياب استراتيجية شاملة أو توجيهات حقيقية لمواجهة تفشي الوباء، مشيرا إلى أن تسجيل 120 وفاة يمثل استهتارا بحياة المواطنين المغاربة.

واستنكر المتحدث عينه غياب التحرك من الجهات المسؤولة، مؤكدا أن هذا الوضع يتطلب إعلان حالة طوارئ صحية وتعبئة شاملة من وزارة الصحة والحماية الاجتماعية والسلطات المعنية.

كما شدد رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة على أن مسؤولية ما يحدث لا تقع فقط على عاتق وزير الصحة، بل هي مسؤولية حكومية مشتركة، متسائلا:” كيف يمكن لدولة ديمقراطية أن تتقبل تسجيل هذا العدد من الوفيات دون محاسبة؟”، مشيرا إلى أن هذه الأزمة لا تتعلق بجائحة كوفيد-19، بل بأمراض مثل الحصبة؛ مما يُظهر عمق الخلل في النظام الصحي.

وختم لطفي بأن الوضع الحالي يمثل كارثة صحية تستوجب إعادة النظر في النظام الصحي بشكل جذري، مؤكدا على الحاجة إلى إصلاح شامل يعيد الثقة ويحمي حياة المواطنين.



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات