تعيش جهة الدار البيضاء-سطات على أعتاب تحول جذري قد يغير ملامحها بشكل غير مسبوق، مع إطلاق أشغال عدد من المشاريع طموحة تهدف إلى تعزيز البنية التحتية، وتطوير الخدمات، وتأهيل المناطق الصناعية والرياضية، استعداداً لاستضافة منافسات كأس العالم 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال.
هذه التغيرات المستقبلية لا تقتصر على البعد المحلي فحسب، بل تحمل في طياتها رؤية استراتيجية تسعى إلى وضع الجهة في مصاف المناطق الأكثر تطوراً وجاذبية على الصعيدين الوطني والدولي.
في خطوة تحمل طابعاً استراتيجياً، صادق مجلس جهة الدار البيضاء-سطات اليوم الخميس، خلال دورته الاستثنائية لشهر يناير، على 50 مشروعاً في جدول أعماله، في خطوة ترسم معالم تحول كبير للبنية التحتية والخدمات بالجهة.
وتأتي هذه المشاريع في إطار استعدادات المغرب لاستضافة كأس العالم 2030 بشراكة مع إسبانيا والبرتغال، وتسعى لتعزيز التنمية المستدامة وتحقيق رؤية الجهوية المتقدمة.
المجلس، الذي ترأسه عبد اللطيف معزوز بحضور والي الجهة محمد امهيدية، شهد موافقة أعضاءه بالإجماع على معظم النقاط المدرجة في جدول الأعمال، باستثناء نقطة واحدة تم تأجيل النظر فيها. وقد ركزت القرارات المصادق عليها على ملفات جوهرية تشمل النقل، البنية التحتية، التنمية الاقتصادية، والرياضة.
ضمن هذه المشاريع، تمت المصادقة على اتفاقيات شراكة إطار مع قطاعات وزارية مختلفة لتسريع تنزيل ورش الجهوية المتقدمة، بالإضافة إلى مشاريع مهمة لتمويل النموذج الجديد لعقود التدبير المفوض للنقل العمومي الحضري وما بين الجماعات بواسطة الحافلات.
كما تمت المصادقة على اتفاقيات خاصة تتعلق بتدبير قطاع النفايات المنزلية، والماء، مما يعكس رؤية متكاملة لإدارة الموارد الحيوية.
وفي سياق تعزيز المناطق الصناعية واللوجيستية، وافق المجلس على إحداث شركة مجهولة الاسم مكلفة بإدارة المنصة اللوجيستيكية والصناعية المندمجة لزناتة، إلى جانب مشاريع لتطوير مناطق صناعية في الجديدة ومديونة والنواصر، بما يساهم في تعزيز مكانة الجهة كقطب اقتصادي ولوجيستي محوري على الصعيد الوطني.
أما في المجال الرياضي، فقد تمت المصادقة على اتفاقيات لتأهيل ملاعب كرة القدم بالجهة، استعداداً لاستضافة كأس الأمم الإفريقية 2025، فضلاً عن مشاريع أخرى لتهيئة المحاور الطرقية المؤدية إلى الملاعب الكبرى.
وتهدف هذه الجهود إلى تحسين البنية التحتية الرياضية وتعزيز جاهزية الجهة لاحتضان فعاليات رياضية كبرى، بما يعكس طموح المغرب في تقديم نسخة استثنائية من كأس العالم 2030.
المشاريع لم تقتصر على البنية التحتية والرياضة فقط، بل شملت أيضاً مبادرات لدعم المقاولات النسائية عبر مشروع «SHE START»، الذي يستهدف تعزيز حضور النساء في المشهد الاقتصادي للجهة. هذه الخطوة تسلط الضوء على توجه الجهة نحو تكريس مبدأ تكافؤ الفرص وتعزيز المشاركة النسائية في التنمية.
وعلى مستوى الربط الطرقي، تمت المصادقة على مشاريع لتطوير المحاور المرتبطة بالملعب الكبير للدار البيضاء، بما في ذلك تأهيل الطرق ونزع الملكية داخل المجال الحضري بجماعتي بوزنيقة والمنصورية.
هذه الجهود تأتي لتسهيل التنقل وتحسين الربط بين مختلف مناطق الجهة، مما يعزز من جاذبية الجهة كوجهة استثمارية وسياحية.
بالإضافة إلى ذلك، قرر المجلس تأجيل النظر في مشروع اتفاقية شراكة لتطوير العرض الثقافي بالجهة.
ورغم التأجيل، فإن هذه الخطوة تُظهر اهتمام المجلس بتعزيز الحياة الثقافية والفنية، بما يتماشى مع برنامج التنمية الجهوية 2022-2027.
جهة الدار البيضاء-سطات، بهذه المشاريع الطموحة، تضع نفسها في موقع الريادة الوطنية، مع تعزيز بنيتها التحتية وتنمية مواردها البشرية والطبيعية.
هذه الجهود المتكاملة تعكس رؤية استراتيجية تهدف إلى تحويل الجهة إلى نموذج تنموي يحتذى به، خاصة مع الاستحقاقات الدولية المرتقبة مثل كأس العالم 2030، الذي يشكل فرصة لتسليط الضوء على قدرات المغرب التنظيمية والتنموية.