تحاملت إحدى المؤسسات المحسوبة نقابيًا في الجزائر على اتحاد الصحفيين العرب ومواقفه الإيجابية والتاريخية تجاه الوحدة الترابية للمملكة المغربية. يعكس هذا التحامل رفضًا لمواقف الاتحاد المبنية على قناعة أعضائه بعدالة القضية المغربية. يُدرك الجميع، مغاربة وعربًا، أن قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية تُعد مجالًا لإجماع وطني وشعبي.
هذا الهجوم تزامن مع حضور النقابة الوطنية للصحافة المغربية في اجتماع الأمانة العامة بدولة الإمارات، حيث مثلها الزميلان عبد الكبير أخشيشن وعثمان النجاري. ويأتي هذا في سياق دور النقابة البارز داخل هياكل اتحاد الصحفيين العرب، عبر تنظيم اللقاءات وتوطيد العلاقات المهنية.
على النقيض، تُغيب الجزائر نفسها عن هذه الهياكل وعن الاتحاد الإفريقي للصحفيين، المنخرط في الاتحاد الدولي للصحفيين، الذي يضم أكثر من 560 ألف عضو. هذا الغياب يبرز ضعف تأثيرها النقابي عربيًا وقاريًا، مقارنةً بالحضور المغربي الفاعل.
البيان الجزائري، الذي رُوّج له عبر الإعلام الرسمي، أظهر الكثير من الغضب تجاه مواقف الاتحاد. وصف الاتحاد بعبارات مثل “مختطف” و”متواطئ” يعكس تصعيدًا غير مبرر يهدف إلى تعميق الخلافات بين المؤسسات الإعلامية بدل تعزيز التعاون المهني.
هذا الخطاب كان موجهًا أيضًا لسكان مخيمات تندوف، حيث يُحتجز الآلاف في ظروف قاسية. بينما يُغفل الإعلام الجزائري معاناة المحتجزين، ينصب اهتمامه على ترويج رواية رسمية تخدم أجندة السلطة، بدل التركيز على قضايا الشعب الجزائري الحقيقية، ومنها تدهور الوضع الاقتصادي وصندوق الثروة السيادية.
اختارت المؤسسة الجزائرية الانحياز السياسي الأعمى بدل العمل على تحسين أوضاع الصحفيين والدفاع عن حرياتهم. هذا المسار يضر بمصداقيتها ويضعف دورها كجهة نقابية، خاصةً في المنتديات المهنية عربيًا ودوليًا. في الوقت الذي يواصل فيه اتحاد الصحفيين العرب، بما في ذلك النقابة الوطنية للصحافة المغربية، العمل على تعزيز التعاون المهني بين الصحفيين في المنطقة، تواصل الجزائر تصعيد خطاباتها السياسية التي تضعف من فعالية المؤسسات الإعلامية وتؤثر سلبًا على دور الصحافة كمنبر للحقيقة والوعي.
في المقابل، تواصل الجزائر التراجع في إصلاحاتها في قطاع الإعلام، في ظل غياب الدعم الفعلي لحرية الصحافة وتعزيز التعددية. بدلاً من مواجهة تحديات الوضع الإعلامي، تركز المؤسسات الجزائرية على التصعيد السياسي، مما يؤثر سلبًا على مصداقية الصحافة ويزيد من القيود المفروضة على حرية التعبير.
إصلاح الإعلام في الجزائر يعني تعزيز الحرية وكسر القيود المفروضة على الصحفيين، وعدم الانحياز الأعمى للأجندات السياسية. الصحافة الجزائرية تواجه تحديات كبيرة في تقديم نموذج يعكس التنوع والتعددية في المجتمع. الصحافة الحقيقية يجب أن تكون قادرة على صناعة الوعي بعيدًا عن التضليل والعبث، وأن تواكب التحولات الاستراتيجية التي يشهدها العالم، عوض أن تكون مجرد أداة لخدمة أجندات سياسية ضيقة.
محمد الطالبي
عضو المكتب التنفيذي للاتحاد الإفريقي للصحفيين