الدار/ تحليل
في ظل تصاعد الأزمات السياسية والاجتماعية التي تضرب الجزائر، يبدو أن الرئيس عبد المجيد تبون يتبنى نهجًا تصعيديًا في التعامل مع المعارضة والاحتجاجات الشعبية المتزايدة. من خلال خطابه الأخيرة، أرسل تبون رسائل تحذيرية واضحة، اعتبرها البعض تهديدات مباشرة للشعب الجزائري، في محاولة لاحتواء الغضب الشعبي المتنامي.
في خطابه، هاجم تبون حملات المعارضة على مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدًا أن “الجزائر لا يمكن افتراسها بهاشتاغ”. هذا التصريح جاء ردًا على انتشار حملات إلكترونية، أبرزها وسم “#مانيش_راضي”، الذي عبّر من خلاله الجزائريون عن رفضهم للسياسات الحكومية، لا سيما فيما يتعلق بالوضع الاقتصادي المتدهور وغياب الإصلاحات السياسية الحقيقية.
بدلاً من الاستجابة للمطالب الشعبية بالحوار والانفتاح، بدا أن خطاب تبون يتجه نحو لغة التهديد، حيث اعتبر أن الانتقادات الموجهة للنظام تأتي ضمن محاولات “تخريبية” تستهدف استقرار البلاد. هذه التصريحات أثارت مخاوف واسعة من أن تلجأ السلطات إلى تعزيز أدوات القمع وإسكات الأصوات المعارضة، سواء في الشارع أو عبر المنصات الرقمية، وهو ما تم بالفعل عبر حملة اعتقالات واسعة في مختلف أنحاء الجزائر.
على الرغم من دعوات عديدة للحوار الوطني، يبدو أن الحكومة الجزائرية تعتمد بشكل أساسي على سياسة القمع كأداة لإدارة الأزمات. مراقبون سياسيون يرون أن خطاب تبون وتصرفات حكومته يعكس استسلامًا أمام الضغط الشعبي، حيث اختارت السلطة مواجهة الاحتجاجات بالقوة بدلاً من فتح قنوات حوار حقيقية مع المواطنين.
مع تزايد التوتر بين الشعب والنظام، يرى محللون أن استمرار النظام في تبني سياسة التهديد والقمع قد يؤدي إلى نتائج كارثية. فالجزائر، التي تعيش في ظل تحديات اقتصادية وأمنية متزايدة، قد تجد نفسها أمام موجة احتجاجات غير مسبوقة يوم فاتح يناير المعهود إذا استمرت الحكومة في تجاهل المطالب الشعبية واستبدال الحوار بالتخويف.
بينما يحاول الرئيس عبد المجيد تبون تقديم نفسه كضامن لاستقرار الجزائر، فإن سياساته وخطابه التصعيدي يوحيان بالعكس. فبدلاً من تعزيز الثقة بين الشعب والسلطة، يبدو أن استراتيجية التهديد والقمع ستزيد من الفجوة بين الطرفين، مما يضع مستقبل البلاد أمام منعطف خطير.