الجمعة, يناير 3, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيتبون أمام الغضب الشعبي الجزائري.. هل يتحول إلى كبش فداء للنظام العسكري؟

تبون أمام الغضب الشعبي الجزائري.. هل يتحول إلى كبش فداء للنظام العسكري؟


الدار/ تحليل
في وقت يشهد فيه الشارع الجزائري تصاعداً لافتاً في الاحتجاجات والمطالب الشعبية، خرج الرئيس عبد المجيد تبون ليخاطب البرلمان مجددًا، محاولًا توجيه الأنظار بعيدًا عن أزمة الداخل، حيث اختار هذه المرة تحميل المسؤولية للأطراف الخارجية، وخاصة فرنسا، متهمًا إياها بدعم ما يسمى “مشروع الحكم الذاتي”. ولكن، هل كان ذلك إلا محاولة للتهرب من استحقاقات الواقع الداخلي المتفجر؟ يتجاهل تبون في خطابه جوهر المطالب الشعبية المتزايدة التي تنادي بتغيير شامل للنظام، حيث يزداد الاحتقان في الشارع، ويزداد معه الإصرار على المطالبة بإصلاحات حقيقية بعيدًا عن الهيمنة العسكرية.

منذ الاستقلال، ظلت المؤسسة العسكرية في الجزائر تتربع على قمة السلطة، تتحكم في كافة مفاصل الدولة، من الاقتصاد إلى السياسة، دون أن تكون هناك خطوات حقيقية نحو دولة مدنية ديمقراطية. ورغم الثروات الكبيرة التي تمتلكها البلاد، خاصة في مجالات النفط والغاز، إلا أن السلطات العسكرية تواصل السيطرة على هذه الموارد دون أن تُترجم هذه الثروات إلى تنمية حقيقية للمواطنين. في هذا السياق، يبقى عبد المجيد تبون مجرد وجه سياسي للنظام العسكري، وهو ما يطرح تساؤلات حول مدى قدرته على اتخاذ قرارات سياسية مستقلة أو دفع الإصلاحات التي يطالب بها الشعب.

في خطابه الأخير أمام البرلمان، عادت تهم تبون تجاه أطراف خارجية مثل فرنسا، وهو ما يراه كثيرون محاولة لصرف الأنظار عن الوضع الداخلي المتأزم. في وقت يتزايد فيه الغضب الشعبي، يكتفي تبون بمحاولة تحميل المسؤولية للقوى الأجنبية، دون أن يقدم أي حلول ملموسة للمشاكل المتفاقمة التي يعاني منها الجزائريون.

الاحتجاجات الشعبية في الجزائر لم تعد مجرد ردود فعل على قضايا معينة، بل هي تعبير عن حالة من الغضب الشعبي العارم تجاه نظام حكم يعتبره الكثيرون فاسدًا ومحتكرًا للسلطة. من أبرز شعارات الحراك هو مطلب “إسقاط النظام”، وهو تعبير عن رغبة عميقة لدى الجزائريين في التخلص من النظام العسكري الذي يتحكم في كل شيء. ومع تزايد الاحتقان، يواصل الجزائريون التعبير عن رفضهم للحلول الجزئية، مطالبين بتغيير جذري يشمل هيكلة النظام السياسي وإنهاء هيمنة الجيش على السلطة.

وتزامنًا مع هذه المطالب، انتشر بشكل واسع وسم “#مانيش_راضي” على منصات التواصل الاجتماعي، ليصبح الصوت الموحّد للمواطنين الرافضين للوضع القائم. هذا الوسم لم يكن مجرد تعبير عن السخط، بل هو دعوة صريحة إلى أن الحكومة لم تعد تمثل إرادة الشعب، بل هي جزء من النظام الذي يفرض سلطته بالقوة.

مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية، يواجه تبون ضغوطًا متزايدة قد تعجل بنهايته السياسية. المراقبون يتساءلون عما إذا كان الرئيس الجزائري سيظل قادرًا على الإيفاء بتوجهات النظام العسكري، أو ما إذا كان قد يصبح أول ضحية لتلك الهيمنة العسكرية في حال استمر الغضب الشعبي في التصاعد. بعض التحليلات تشير إلى أن النظام العسكري قد يضطر للتضحية بتبون نفسه إذا شعر بأن الاحتجاجات تهدد استقرار الهيمنة العسكرية على البلاد. وقد يكون في ذلك محاولة لامتصاص الغضب الشعبي دون التأثير على السلطة الفعلية التي يملكها الجيش.

المعادلة هنا تبدو معقدة، حيث أن تزايد الاحتجاجات الشعبية قد يفرض على النظام العسكري اتخاذ قرارات جذرية، وهو ما قد يشمل تهميش أو إبعاد تبون إذا دعت الحاجة للحفاظ على استمرار السيطرة العسكرية على مفاصل الدولة.

بكل تأكيد، فإن النظام العسكري في الجزائر لن يتوانى في استخدام جميع أدوات القمع لاحتواء الحراك الشعبي، سواء من خلال الإجراءات الأمنية المشددة أو عبر القنوات الإعلامية التي تُحاول ترويج لمواقف الحكومة. لكن مع تزايد الوعي السياسي لدى المواطنين، وازدياد حالة التضامن بين فئات المجتمع، قد يجد النظام نفسه أمام تحديات أكبر من أن يتمكن من السيطرة عليها، خاصة في ظل تدهور الوضع الاقتصادي وتزايد مستويات البطالة وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين.

في هذه الأثناء، يظل الأمل في التغيير يراود العديد من الجزائريين الذين يسعون إلى تحقيق مطالبهم في دولة مدنية حقيقية، بعيدًا عن هيمنة المؤسسة العسكرية التي لطالما كانت في قلب السلطة.

في ظل هذه الأجواء المتوترة، يتساءل الجزائريون: هل سيظل النظام العسكري قادرًا على إخماد الحراك الشعبي؟ وهل سيتم التضحية بتبون ككبش فداء في سبيل حماية مصالح الجيش والسلطة الحاكمة؟ الإجابة على هذه الأسئلة لن تكون واضحة في الوقت القريب، لكن المؤكد أن الجزائر على مفترق طرق، وأن التغيير في الطريق، ولو كلف ذلك الكثير.





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات