شهدت الدورة الاستثنائية لمجلس جماعة الدار البيضاء، يوم أمس الخميس، حالة من الجدل والتوتر بين المعارضة والمكتب الحالي.
في وقتٍ كان المجلس يصادق فيه على مشاريع طموحة تهدف لتحسين المدينة، برزت انتقادات لاذعة من المعارضة، بقيادة عبد الصمد حيكر، عضو المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، بشأن ما وصفه بتجاوزات تعيق الأداء الديمقراطي للمجلس.
حيكر انتقد تأخر إرسال الوثائق والمرفقات إلى اللجان المختصة، مشيرًا إلى أن هذا الأمر يخالف القانون الذي يلزم إرسالها قبل عشرة أيام للدورات العادية وثلاثة أيام للدورات الاستثنائية.
ووفق لكلمته خلال أشغال الدورة، فثد كانت اللجان تتسلم الوثائق بعد انتهاء النقاشات حولها، مما يضعف قدرتها على القيام بدورها التشريعي والرقابي.
الأكثر إثارة كان حديثه عن ممثلي المكتب التنفيذي الذين يحضرون فقط لمناقشة نقاط محددة تغطي مصالحهم ثم يغادرون دون التفاعل مع باقي جدول الأعمال، ما يعكس ضعفًا في التواصل والاستجابة داخل المجلس.
وأضاف حيكر أن الاختلالات ليست بجديدة بل تفاقمت خلال السنوات الثلاث الماضية.
ومن اللافت، وفق تعبيره، أن حتى بعض أعضاء الأغلبية يتفقون مع المعارضة حول وجود هذه الإشكاليات، مما ينفي عنها طابع المزايدات السياسية ويؤكد كونها تحديات حقيقية تهدد شفافية المجلس وفعاليته.
وذهب إلى أبعد من ذلك حين وصف المجلس بأنه أقرب إلى “غرفة تسجيل” تُستخدم لتحقيق أجندات خاصة.
رغم هذه الانتقادات اللاذعة، مضى المجلس قُدمًا في المصادقة على مجموعة من المشاريع الطموحة التي تهدف إلى تغيير وجه الدار البيضاء.
على رأس هذه المشاريع، اتفاقيات شراكة لتدشين حافلات سياحية ستجوب المدينة، في خطوة هي الأولى من نوعها، إلى جانب مشاريع ثقافية ورياضية مثل استكمال أشغال متحف ذاكرة الدار البيضاء في مركب محمد الخامس، ومبادرات لتعزيز البنية التحتية الرياضية كالاهتمام بملاعب الأمل وتيسيما والرجاء والوداد.
واستكمالًا لمسار تحسين الخدمات، صادق المجلس على مشروع جعل استخدام المراحيض العمومية الجديدة مجانيًا رغم كلفتها السنوية المرتفعة التي تجاوزت 13 مليون درهم.
هذه المبادرة تهدف إلى تحسين جودة الحياة اليومية للمواطنين والزوار.
وفي سياق تنمية المناطق الخضراء، تم الإعلان عن إنشاء منتزه جديد في منطقة “فوريان” الدريسية بمقاطعة الفداء، وهو مشروع من شأنه توفير فضاء ترفيهي ورياضي حديث.
أما على مستوى التنقل، فإن المرتقب افتتاح موقف السيارات الجديد “مثلث الفنادق” بمثابة خطوة استراتيجية لحل أزمة الركن في منطقة حيوية قرب محطة الدار البيضاء-الميناء.
كل هذه المشاريع تعكس رؤية متكاملة لتحويل الدار البيضاء إلى مدينة عالمية تجمع بين التاريخ والحداثة.
وبخصوص حديقة الحيوانات عين السبع، صادق المجلس على مشروع عقد التدبير المفوض لمرفق الحديقة، وعلى برمجة اعتماد مالي قدره 64.400.000 درهم، تم استرجاعه من طرف جماعة الدار البيضاء، موضوع اتفاقية الشراكة المبرمة مع صندوق الإيداع والتدبير والمتعلق بمشروع مارينا الدار البيضاء، لتمويل عقد التدبير المفوض لمرفق الحديقة.
ووفق تصريحات العمدة نبيلة الرميلي، فإن هذه الأوراش التنموية تهدف إلى تعزيز مكانة الدار البيضاء كعاصمة اقتصادية وسياحية للمغرب، وجعلها نموذجًا للمدن الذكية والمستدامة.
ومع ذلك، يبقى السؤال: هل ستتمكن الجماعة من تجاوز الانتقادات الداخلية وضمان توافق سياسي يُترجم هذه الرؤية الطموحة إلى واقع ملموس؟
