السبت, مارس 15, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيبين مطرقة الغلاء وضعف آليات الرقابة.. تجار يكشفون التلاعب السري بالأسعار

بين مطرقة الغلاء وضعف آليات الرقابة.. تجار يكشفون التلاعب السري بالأسعار


تتواصل موجة الغلاء التي باتت تثقل كاهل المواطنين في مختلف مناطق المغرب، وسط تصاعد الاحتجاجات والاستياء الشعبي من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بشكل غير مسبوق.

ففي الوقت الذي كان ينتظر فيه المواطنون انخفاض الأسعار مع حلول شهر رمضان، تفاجأ الجميع بزيادات متتالية شملت العديد من السلع الأساسية، ما جعل الكثيرين يعيدون النظر في قائمة مشترياتهم اليومية ويضطرون للتخلي عن بعض احتياجاتهم الضرورية.

الغضب الشعبي امتد إلى احتجاجات ميدانية شهدتها بعض المناطق كضواحي تازة ورباط الخير بإقليم صفرو، حيث رفض مواطنون شراء السلع من بعض الباعة احتجاجًا على ارتفاع أسعارها.

على الجانب الآخر، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي حراكًا متزايدًا من قبل المواطنين الذين أطلقوا حملات مقاطعة لبعض المنتجات مرتفعة الثمن، في محاولة للضغط على التجار لتخفيض الأسعار.

هذه الدعوات، رغم عدم تنظيمها بشكل رسمي، تعكس حالة من الاحتقان الشعبي تجاه الغلاء المستمر.

لكن وسط هذه الأزمة، برزت مبادرات فردية من بعض التجار الذين قرروا تحدي الموجة العامة وبيع المنتجات بأسعار معقولة، بعيدًا عن المضاربة.

هذه الخطوات لاقت استحسانًا واسعًا بين المواطنين، حيث اعتبرها البعض ردًّا عمليًا على الفوضى الاقتصادية التي تعم الأسواق، وأظهرت أن هناك تجارًا لا يزالون يراعون القدرة الشرائية للمواطن البسيط.

في هذا السياق، أثار تقرير مجلس جماعة الدار البيضاء، الذي ناقش أوضاع سوق الجملة للخضر والفواكه، موجة غضب بين التجار والمهنيين.

التقرير الذي قدمته نائبة رئيسة جماعة الدار البيضاء، وُصف من طرف المكتب النقابي لتجار ومهنيي سوق الجملة بالخضر والفواكه بأنه “يطمس الحقائق” ويهدف إلى “التستر على الفساد”.

وأوضح المكتب النقابي أن التقرير حمل مغالطات عديدة حاولت تبرير ارتفاع الأسعار بالحديث عن منطق العرض والطلب، في حين أن الحقيقة مختلفة تمامًا.

ووفقًا لما ورد في بيان المكتب النقابي، فإن تحديد الأسعار داخل سوق الجملة بالدار البيضاء يخضع لتحكم رئيس جمعية التجار، الذي يسيطر بشكل غير قانوني على لجنة تحديد الأثمنة، متلاعبًا بالأسعار بعيدًا عن قواعد المنافسة الشريفة.

وأكد البيان أن هناك فرضًا غير مشروع لإتاوات على التجار والفلاحين مقابل الحصول على تخفيضات في الرسوم الجبائية، وهو ما يؤدي إلى تمييز واضح بين التجار داخل السوق، حيث يحصل البعض على امتيازات في حين يجبر آخرون على أداء الرسوم كاملة.

واعتبر التجار أن بقاء بعض المنتجات الفلاحية عند أسعار ثابتة رغم التقلبات الاقتصادية دليل واضح على وجود تلاعب متعمد في تحديد الأثمان، ما يعزز من هيمنة لوبيات ومجموعات مصالح تستفيد من هذه الفوضى، بينما يدفع التجار والمستهلكون الثمن غاليًا.

وكان الرقم الأخضر (5757) الذي خصصته وزارة الداخلية للإبلاغ عن التجاوزات في الأسواق، من المفترض أن يكون وسيلة فعالة لضبط الأسعار وحماية المستهلك، غير أن فعاليته أصبحت موضع تساؤل. فبحسب مختصين في حماية المستهلك، فإن غياب آليات رقابية صارمة جعل هذا الرقم مجرد وسيلة لجمع البيانات دون تأثير فعلي على السوق.

المواطن الذي يجد أمامه أسعارًا مرتفعة في كل مكان لا يرى فائدة كبيرة في التبليغ عن بائع محدد طالما أن الغلاء بات حالة عامة تهيمن على الأسواق بأكملها.

وفي هذا الصدد، وجهت البرلمانية فاطمة التامني سؤالًا كتابيًا إلى وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت بخصوص فعالية الرقم الأخضر، مشيرة إلى أن الاعتماد عليه في غياب تسقيف رسمي للأسعار يظل غير مجدٍ.

وقالت التامني إنه وبينما يمكن تبرير التدخل لتحديد أسعار اللحوم في حال دعم الدولة لمستوردي الأغنام، فإن غياب أي سقف للأسعار يجعل من آلية التبليغ مجرد وسيلة لجمع البيانات دون تأثير فعلي على السوق.

وأضافت أن التفاوت الواضح في أسعار السلع الأساسية، مثل الأسماك والخضر والفواكه بين مختلف المدن والمناطق، يطرح تساؤلات حول جدوى التبليغ في ظل غياب آليات واضحة لضبط الأسعار.

واعتبرت البرلمانية أن الارتفاع الملحوظ في الأسعار يستدعي تدخلاً حقيقياً من قبل السلطات عبر آليات رقابية فعالة وعقوبات صارمة ضد المخالفين. فتسقيف الأسعار، أو على الأقل نشر لوائح مرجعية للأسعار كما حدث خلال تجربة المقاطعة السابقة، قد يكون حلاً عملياً لتحقيق الشفافية والحد من الاستغلال.

وأبرز ذات السؤال أن مبدأ حرية السوق لا يعني ترك الأسعار دون رقابة، خاصة عندما تقدم الدولة دعماً مباشراً للمستوردين، حيث يصبح التدخل الحكومي لضمان حماية المستهلكين والحفاظ على قدرتهم الشرائية واجباً وليس خياراً.

ودعت التامني وزير الداخلية إلى توضيح التدابير الفعلية التي تعتزم الوزارة اتخاذها لمراقبة الأسعار وضبط الأسواق، خصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد.

وفي ظل هذا المشهد المقلق، بات المواطن المغربي يعيش في مواجهة مباشرة مع موجة الغلاء، وسط مطالب متزايدة للسلطات باتخاذ إجراءات حاسمة لضبط الأسواق وإعادة التوازن إلى معادلة الأسعار قبل أن تتحول الأزمة إلى كارثة اجتماعية تهدد الاستقرار الاقتصادي للبلاد.





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات