الإثنين, مارس 3, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيبين لقمة العيش وقدسية المساجد.. رمضان يُعيد الجدل حول احتلال الملك العمومي

بين لقمة العيش وقدسية المساجد.. رمضان يُعيد الجدل حول احتلال الملك العمومي


مع بداية شهر رمضان الفضيل تحولت بعض من مداخل المساجد إلى أسواق نابضة بالحياة، حيث ينتشر الباعة الجائلون على امتداد الممرات المؤدية إلى بيوت الله، مستغلين الزحام الكبير، خاصة في أوقات صلاة التراويح.

المشهد يعكس تداخلًا فريدًا بين الأجواء الروحانية والتجارة، إذ تتنوع البضائع المعروضة، ما يجعل هذه المساحات نقطة التقاء بين العبادة والحركة التجارية النشطة.

في العاصمة الاقتصادية الدار البيضاء، كما في العديد من المدن المغربية، تتحول ساحات المساجد إلى فضاءات لعرض مختلف أنواع السلع، من الفواكه والخضر والعصائر إلى العطور والمناديل والأواني المنزلية والأسماك وغيرها، في مشهد يثير الجدل بين من يعتبرونه نشاطًا تجاريًا طبيعيًا، وبين من يرونه تعديًا على حرمة أماكن العبادة.

مع اقتراب موعد الصلاة، يشتد زحام الباعة الذين يتنافسون على أفضل المواقع أمام المساجد، مفترشين بضائعهم بطريقة تعرقل حركة المصلين.

ولا يتوقف الأمر عند مجرد البيع، بل يترافق مع صخب النداءات والعروض الترويجية التي يطلقها الباعة بأعلى أصواتهم لجذب الانتباه، في مشهد يتناقض مع أجواء الخشوع التي يبحث عنها المصلون.

وفي كثير من الأحيان، يتسبب التزاحم في مشادات كلامية تصل إلى حد تبادل الشتائم بين الباعة، وهو ما يحدث أثناء إقامة الصلاة، دون أي اعتبار لحرمتها.

اللافت في الظاهرة أن بعض الباعة أصبحوا شبه مستقرين في أماكنهم، حتى أن البعض يعتبر الموقع “ملكيته الخاصة”، مما يؤدي أحيانًا إلى خلافات حادة بينهم بسبب النزاع على الأماكن الاستراتيجية التي تضمن لهم مبيعات أكبر.

الوضع يزداد تعقيدًا في الأحياء الشعبية والمساجد التي تعرف إقبالًا كبيرًا بسبب وجود مقرئين مشهورين، حيث يزداد عدد الباعة، وتصبح الأجواء خارج المساجد أقرب إلى سوق مفتوح منه إلى فضاء ديني.

هذا الازدحام لا يعيق فقط حركة المصلين، بل يمتد إلى الشوارع المحيطة، حيث تتسبب العربات المجرورة في اختناق مروري.

في هذا السياق، سبق أن عبر وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، رؤساء الجماعات مسؤولية تأهيل محيط المساجد والتصدي لمظاهر الاحتلال العشوائي للملك العمومي.

وجاء ذلك في رده على سؤال كتابي وجهه البرلماني عبد المجيد بن كمرة حول “تأهيل جنبات المساجد”، حيث شدد الوزير على أن هذه المسؤولية تقع ضمن اختصاصات رؤساء المجالس الجماعية بموجب القانون التنظيمي المتعلق بالجماعات ونظام الأملاك العقارية للجماعات الترابية.

وأوضح لفتيت أن رؤساء الجماعات مطالبون باتخاذ الإجراءات الضرورية للحفاظ على جمالية ونظافة هذه الفضاءات، مع ضمان سهولة تنقل المصلين دون عرقلة من الباعة أو انتشار السلع العشوائية.

وأضاف الوزير أن من بين صلاحيات رؤساء الجماعات إعداد قرارات تنظيمية تحدد الشروط اللازمة لاحتلال الملك العمومي بما يتماشى مع متطلبات الوقاية الصحية والنظافة العامة والحفاظ على السكينة العمومية وسلامة المرور.

كما يتوجب عليهم اتخاذ تدابير الشرطة الإدارية، حسب الجواب الكتابي، سواء عبر إصدار قرارات فردية بالإذن أو المنع أو حتى اتخاذ إجراءات صارمة ضد المخالفين، لمنع تفاقم هذه الظاهرة التي تشكل تحديًا حقيقيًا في المدن الكبرى.

ولم يقتصر حديث لفتيت على دور رؤساء الجماعات فحسب، بل أكد أيضًا على أهمية التنسيق مع السلطات المحلية والأجهزة الأمنية، التي تتحمل مسؤولية الحفاظ على النظام العام وضمان احترام القوانين المنظمة لاستغلال الملك العمومي.

وأشار إلى أن تدخل هذه الجهات يصبح ضروريًا عندما يتعلق الأمر بتطبيق القانون بشكل صارم على المخالفين الذين لا يلتزمون بالقرارات التنظيمية أو يتعمدون استغلال الفضاءات العمومية بطريقة عشوائية تعيق الحركة وتضر بالبيئة الحضرية.

ورغم ذلك، يبقى التطبيق الفعلي لهذه الإجراءات غائبًا على أرض الواقع، مما يطرح تساؤلات حول جدية التعامل مع هذه الظاهرة.

ويرى البعض أن الظاهرة تعكس واقعًا اجتماعيًا واقتصاديًا صعبًا، حيث يعتمد الكثير من الباعة الجائلين على هذه التجارة الموسمية لتوفير قوت يومهم، وهو ما يجعل التعامل معها يحتاج إلى حلول متوازنة، تجمع بين احترام النظام العام وعدم حرمان هذه الفئات من مصدر دخلها.

في المقابل، يرى آخرون أن انتشار البيع العشوائي أمام المساجد يسيء إلى جمالية الفضاءات الدينية ويعرقل أداء الشعائر، مما يستوجب تدخلًا حازمًا من السلطات.

وبين هذين الرأيين، يبقى السؤال مطروحًا: هل سنشهد حلولًا حقيقية توازن بين الحاجة الاقتصادية للباعة واحترام قدسية المساجد، أم أن الوضع سيستمر كما هو، ليظل المصلون عالقين بين صخب الأسواق وأصوات الأذان؟





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات