لا زالت الساحة السياسية في المغرب تشهد حالة من التوتر والتجاذب، مع استمرار المعارضة البرلمانية في توجيه انتقادات لاذعة للحكومة الحالية.
وتجاوز الاتهامات هذه المرة الخطوط المعتادة لتتحدث عن شبهات فساد وتضارب مصالح تعصف بمصداقية النظام السياسي، مما يثير حفيظة الرأي العام ويضع أسئلة كبيرة حول الحكامة والنزاهة.
في تطور لافت، صعّد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، من حدة انتقاداته، متهمًا الحكومة بالانحراف عن المسار المؤسساتي.
وخلال كلمته أمام اللجنة المركزية لحزبه، اليوم الأحد، ندد بنعبد الله بتعيين المقربين من الحزب الأغلبي في مناصب حساسة دون أي اعتبار للمعايير الموضوعية، مؤكدًا أن هذه التعيينات تأتي في إطار سياسة ممنهجة تستهدف إضعاف مؤسسات الحكامة وتقويض دورها في محاربة الفساد.
الحديث عن الفساد الحكومي لم يكن مجرد اتهامات عابرة، بل ربط بنعبد الله هذه الظاهرة بتداعيات كارثية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.
وأشار إلى أن الفئات المستضعفة هي من تتحمل العبء الأكبر، في حين يتضرر الناتج الداخلي الخام للبلاد بشكل كبير بسبب سوء التدبير وانتشار مظاهر الريع.
ورغم هذه الانتقادات الحادة، يبدو أن الحكومة لم تظهر استعدادًا للتفاعل بجدية، بل اختارت، وفقًا لبنعبد الله، مواجهة مؤسسات الحكامة والتقليل من أهميتها.
وأثار بنعبد الله، نقطة حساسة عندما أشار إلى سحب الحكومة مشروع قانون الإثراء غير المشروع، وعدم تقديم أي خطوات ملموسة نحو قانون يحد من تضارب المصالح، رغم ما ينص عليه الدستور.
هذه الخطوات تعكس، برأيه، تجاهلًا متعمدًا لملفات أساسية تمس جوهر الشفافية والنزاهة.
وسبق لعبد الله بووانو، رئيس المجموعة النيابية للعدالة والتنمية، أن كان له نصيب من الاتهامات الموجهة إلى الحكومة.
وكان بووانو قد اتهم رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، باستغلال منصبه لتحقيق مكاسب شخصية، مشيرًا إلى وجود تضارب مصالح واضح في صفقات تحلية المياه ومشاريع أخرى.
ولم يتردد بووانو في المقارنة مع قادة حكومات في دول أخرى استقالوا لمجرد وجود شبهة تضارب مصالح، في إشارة ضمنية إلى غياب المحاسبة في السياق المغربي.
ويتابع الرأي العام هذه التطورات بقلق متزايد، حيث تتوالى التساؤلات حول مدى جدية الحكومة في التعامل مع ملف الفساد.