في قضايا الفساد المالي، تتباين الأحكام بين الإدانة بالسجن النافذ والعقوبات المخففة، وهو ما يثير النقاش حول محددات التشديد والتخفيف في مثل هذه الملفات.
قبل أيام، قضت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بمراكش، بسنتين سجناً نافذاً وغرامة 50 ألف درهم في حق هشام الحطاب، رئيس جماعة الطلوح بإقليم الرحامنة، بعد متابعته في حالة سراح بتهم تتعلق باختلاس وتبديد أموال عامة، والتزوير، والارتشاء.
وفي المقابل، صدر حكم آخر في ملف يتابع فيه الرئيس السابق لجماعة سيدي غانم التابعة لصخور الرحامنة، رفقة تقني الجماعة، وصاحب شركة الدراسات، ومقاولين، بنفس التهم، لكنه قضى بسنتين موقوفة التنفيذ.
هذا التفاوت يفتح المجال للتساؤل عن العوامل التي تؤثر في صياغة الأحكام، خاصة أن كل ملف له خصوصياته وظروفه الموضوعية. فالقانون يمنح الهيئات القضائية السلطة التقديرية في تقييم كل قضية بناءً على معطياتها، وهو ما يفسر وجود أحكام متباينة في قضايا تبدو متشابهة ظاهرياً.
القضاء يظل الجهة الوحيدة المخولة بإصدار الأحكام وفقاً لما يتوفر لديه من أدلة وحجج، ولكن هذا لا يمنع من طرح تساؤلات مشروعة حول المعايير التي تؤدي إلى إصدار عقوبة بالسجن النافذ في ملف، واعتماد موقوف التنفيذ في ملف آخر.
المرحلة الاستئنافية قد تكون فرصة أخرى لإعادة تقييم هذه الملفات، بينما يبقى النقاش حول سبل تعزيز النزاهة والشفافية في تدبير المال العام مستمراً، في أفق تكريس مزيد من الحوكمة والمساءلة.