السبت, مارس 29, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيبين التدابير الحكومية وواقع السوق

بين التدابير الحكومية وواقع السوق


لا يزال سوق اللحوم الحمراء في المغرب يعاني من اضطرابات كبيرة، رغم المحاولات المستمرة من طرف الحكومة لضبط الأسعار وتحقيق التوازن بين العرض والطلب.

فبين تأثير سنوات الجفاف المتتالية وارتفاع أسعار أعلاف الماشية، باتت تكلفة الإنتاج مرتفعة، مما انعكس بشكل مباشر على أسعار اللحوم الحمراء التي تتراوح حاليًا بين 90 و100 درهم للكيلوغرام.

ورغم اتخاذ الحكومة لإجراءات مختلفة، مثل إعفاء استيراد اللحوم من الرسوم الجمركية، وإلغاء شعيرة ذبح الأضاحي، ودعم الأعلاف، فإن هذه التدابير لم تنجح في تحقيق التأثير المنشود.

قمنا بجولة ميدانية في إحدى ضواحي الدار البيضاء، وبالتحديد في منطقة الشلالات، حيث تشتهر اللحوم بجودتها، ويقصدها المستهلكون من مختلف المناطق.

ورغم أن بعض الجزارين يبيعون اللحم بسعر أقل، إلا أن هناك تفاوتًا ملحوظًا في الأسعار من منطقة لأخرى، وهو ما يرجعه بعض المهنيين إلى اختلاف مصادر التوريد.

فالجزارون الذين يحصلون على مواشيهم مباشرة من المربين يتمكنون من تقديم لحوم بأسعار معقولة، بخلاف أولئك الذين يعتمدون على الأسواق الأسبوعية التي يسيطر عليها الوسطاء المعروفون باسم “الشناقة”.

يلعب هؤلاء الوسطاء دورًا محوريًا في تحديد الأسعار داخل الأسواق، حيث يشترون الماشية بأسعار منخفضة نسبيًا من المربين ثم يعيدون بيعها بأسعار مرتفعة، مما يزيد من تكلفة اللحوم على المستهلك.

ورغم الاعتراف الرسمي بوجود هذه المشكلة، إلا أن هيمنة الوسطاء لا تزال قوية، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على الأسعار النهائية.

يعتبر المربون الحلقة الأضعف في سلسلة الإنتاج، حيث يعانون من ارتفاع تكاليف الأعلاف والأدوية البيطرية، دون أن ينعكس ذلك على أرباحهم بشكل عادل.

يعتمد أغلب المربين الصغار والمتوسطين على بيع العجول بعد عملية التسمين التي تتطلب عدة أشهر، ولكن تقلبات الأسعار تجعل حساب تكاليف الإنتاج أمرًا معقدًا.

وعلى الرغم من تحسن الظروف المناخية مؤخرًا بسبب الأمطار، التي ساهمت في تحسين المراعي وأسعار الأعلاف، إلا أن أسعار اللحوم لم تتراجع بالشكل المتوقع، ما يطرح تساؤلات حول جدوى التدابير الحكومية ومدى تأثير الوسطاء في إبقاء الأسعار مرتفعة.

أمام هذه التحديات، دعا عدد من المهنيين إلى إصلاح شامل لسلسلة تسويق اللحوم الحمراء، من خلال تنظيم الأسواق الأسبوعية، والحد من تدخل الوسطاء، وتشجيع المربين على بيع مواشيهم مباشرة للجزارين والمستهلكين.

كما اقترح البعض الاستفادة من تجربة مخطط “المغرب الأخضر” في تنظيم الفلاحة، من خلال إحداث تعاونيات ومراكز لجمع وتسويق الماشية بشكل أكثر شفافية.

وبينما تعوّل الحكومة على استراتيجية “الجيل الأخضر” لإعادة هيكلة القطاع، يبقى السؤال المطروح: هل يمكن أن تنجح هذه التدابير في كبح جماح الأسعار وضمان العدالة بين المربين والمستهلكين؟ أم أن واقع السوق سيظل رهينة تقلبات المناخ والمضاربين؟

 



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات