في خطوة جديدة ومهمة، قدم وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عز الدين ميداوي، رؤية شاملة لعام 2025، تتسم بالطموح والتركيز على الابتكار التكنولوجي وتوسيع آفاق التعليم العالي في المغرب.
ويعكس عرض الوزير، الذي قدمه مؤخرًا ضمن مشروع الميزانية الفرعية، التزام الحكومة بتطوير القطاع التعليمي وضمان تأهيل الكوادر البشرية لمواكبة التقدم الصناعي والتكنولوجي، إلى جانب التركيز على المجالات الرقمية والصحية والاجتماعية.
يقوم العرض التكويني الجديد الذي أعلن عنه ميداوي على عدة أسس؛ من بينها تبني هيكلة بيداغوجية مستحدثة لسلك الماستر في المؤسسات ذات الاستقطاب المحدود، حيث سيبلغ عدد المسالك المعتمدة 4000 مسلك، تشمل 1000 مسلكًا في المؤسسات الخاصة و3000 مسلكًا في الجامعات العمومية. هذا التوجه يعكس الرغبة في تنويع البرامج الأكاديمية وتقديم فرص جديدة للطلاب المغاربة تتماشى مع متطلبات سوق العمل، خاصة في ظل تزايد الطلب على تخصصات تكنولوجية وصحية واجتماعية.
كما أشار الوزير إلى التزام الوزارة بتنفيذ سلسلة من الاتفاقيات المبرمة مع قطاعات حكومية وخاصة، منها اتفاقية تاريخية موقعة في 13 يونيو 2022 لتكوين أساتذة التعليم الابتدائي والثانوي، مما يعزز من دور مسلك الإجازة في التربية الذي أُطلق عام 2018.
ويرافق ذلك أيضًا اتفاقيات أخرى تهدف إلى زيادة أعداد المهندسين، والتقنيين العاليين، والأطر الطبية والمساعدات الاجتماعية، وهو ما يُشكل قاعدة أساسية لتلبية احتياجات البلاد في عدة مجالات حيوية.
ومن الجوانب اللافتة في رؤية الوزارة لعام 2025، العمل على تكوين الكوادر البشرية لدعم قطاعي العدل والصحة؛ إذ تسعى الوزارة إلى رفع عدد الكفاءات الصحية بحلول عام 2030 عبر اتفاقية إطار موقعة بتاريخ 25 يوليوز 2022، كما تهدف إلى تأهيل وتدريب العاملين في قطاع العدل في إطار اتفاقية أُبرمت في سبتمبر 2024.
زيُعد هذا التنوع في الأهداف مؤشراً واضحاً على حرص الوزارة على توفير كفاءات متخصصة في مختلف القطاعات لدعم النمو الوطني.
ولم يغب عن عرض الوزير الطموح في مجال التخصصات الرقمية، حيث تهدف الوزارة إلى بلوغ 22500 خريج في هذا المجال بحلول عام 2027، في خطوة تعزز جاهزية المغرب لمواكبة التحول الرقمي المتسارع على الصعيد العالمي، خاصة بعد توقيع اتفاقية إطار في 15 نونبر 2023.
ولتفعيل هذا الهدف، سيتم العمل على تعميم مراكز تطوير المهارات الرقمية وقابلية التوظيف في الجامعات، وتعزيز الشراكات مع القطاعين العام والخاص لتوفير فرص متزايدة للتوظيف لخريجي التعليم العالي.
فيما يخص البحث العلمي، قدم الوزير تصورًا مستقبليًا طموحًا بتأسيس معاهد وطنية متخصصة في مجالات الذكاء الاصطناعي، الفيزياء، التكنولوجيات التطبيقية، وعلوم البيئة والطاقة، مستهدفًا النهوض بالبحث والتطوير من خلال التركيز على أولويات وطنية تمسّ مختلف جوانب الحياة العصرية.
هذا التوجه يشمل تعزيز برامج الدعم البحثي، حيث تواصل الوزارة تمويل 671 مشروعًا بحثيًا قيد التنفيذ، إلى جانب إطلاق النسخة الأولى من البرنامج الوطني لدعم البحث التنموي والابتكار، وإعداد معيار وطني لتوحيد مجالات البحث والتطوير.
وفي السياق ذاته، أكد ميداوي خلال عرضه المفصل على ضرورة تعزيز التعاون الدولي في التعليم العالي، حيث رُصد حوالي 371 مليون درهم لدعم مشاريع في إطار التعاون الثنائي ومتعدد الأطراف.
ووفق ما جاء في عرض ميداوي، فإن الوزارة الوصية عن القطاع ستعمل على تنفيذ إعلان النوايا في مجال التعليم العالي والبحث العلمي الذي تم توقيعه في 20 أكتوبر 2024 أمام أنظار الملك محمد السادس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
وتحمل خارطة الطريق التي طرحها ميداوي للوزارة طموحًا عالياً لتحقيق تحول جذري في قطاع التعليم العالي بالمغرب، بما يتماشى مع الأهداف التنموية للبلاد ويضمن تهيئة الكفاءات البشرية المطلوبة لمواجهة تحديات المستقبل.