تعيش أسواق مدينة بني ملال هذه الأيام حركة غير اعتيادية، حيث يلاحظ ارتفاع الإقبال على شراء الدجاج البلدي، الذي يُعدّ عنصراً أساسياً في الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية، المعروفة بـ”إيض يناير”، والتي تصادف 14 يناير من كل عام.
ويُعتبر “إيض يناير” من أعرق الأعياد الأمازيغية التي يحتفي بها سكان المغرب وشمال إفريقيا، حيث يرتبط هذا اليوم بموروث ثقافي غني يحمل معاني الأمل والتفاؤل ببداية سنة فلاحية جديدة مليئة بالخير. وتتفاوت تسمية هذا العيد بين المناطق؛ ففي المغرب يُطلق عليه “إيض يناير”، بينما يحمل أسماء أخرى في دول مثل الجزائر وتونس.
ويعد الدجاج البلدي من أبرز المكونات التي لا تخلو منها موائد الاحتفال برأس السنة الأمازيغية. فهو يُستخدم في تحضير أطباق تقليدية مثل “تاكلا”، وهي وجبة مميزة تُحضّر من دقيق الشعير أو الذرة مع زيت الزيتون والعسل، أو “الكسكس” الذي يُعدّ رمزاً للمطبخ المغربي. كما تُحضر العصيدة التي تعتمد على مكونات فلاحية من محاصيل العام السابق، ما يُبرز ارتباط الاحتفالات بالطبيعة والرزق.
وتشهد الأسواق المحلية، مثل سوق السبت وسوق أولاد يعيش، رواجاً كبيراً في تجارة الدجاج البلدي خلال هذه الفترة، مما ينعكس إيجاباً على التجار والمربين. ويعتبر هذا النشاط الاقتصادي مناسبة لتعزيز حركة السوق، خاصة في المناطق القروية التي تعتمد بشكل كبير على تربية الدواجن البلدية.
ولا يقتصر الاحتفال بـ”إيض يناير” على المظاهر الغذائية فقط، بل يتعدى ذلك إلى أبعاد ثقافية تعزز الهوية الأمازيغية. ففي هذا اليوم، تُنظم العائلات تجمعات احتفالية يتم فيها ترديد الأغاني الأمازيغية الشعبية، كما تُقدم أطباق مميزة تُجسد التقاليد المتوارثة جيلاً بعد جيل.
ومع الاعتراف الرسمي برأس السنة الأمازيغية عطلة وطنية في المغرب، ازدادت رمزية هذا العيد، حيث يعكس روح التعايش الثقافي والاعتزاز بالهوية الأمازيغية كجزء من التنوع الثقافي المغربي.
وتبقى الاحتفالات برأس السنة الأمازيغية، بما تحمله من رموز ثقافية واجتماعية، شاهداً على قوة الموروث الأمازيغي وحيويته. ومع ارتباطها بالدجاج البلدي والأطباق التقليدية، تشكل هذه المناسبة فرصة لإحياء العادات والتقاليد التي تعكس روح الجماعة وتقدير الطبيعة والمحاصيل.