أصدر الناقد الأكاديمي، جمال بندحمان، كتابا جديدا عن دار “رؤية” للنشر والتوزيع بمصر، بعنوان: “السيميائيات وآليات تشييد المعنى”، استكمالا لمشروعه النقدي في الدرس والمقاربة السميائية للخطاب الأدبي.
ويدرس هذا الإصدار الجديد قضايا المعنى، ويجيب عن سؤال التشييد وأسسه ومبادئه، ويرفض مبدأ المعنى المعطى بخلفياته ونظرياته، ويجمع بين مسارين: مسار نظري قدم المفاهيم والآليات الإجرائية المعتمدة لدى أصحاب السيميائيات التشييدية من قبيل أسس الفهم ومقومات التمثل ،والعوالم الممكنة، ومبادئ التأويل وإجراءاته، ومسار تطبيقي درس مظاهر هذه السيميائيات في كتابات الدكتور محمد مفتاح، وفي ترجمات الدكتور محمد البكري، ولاختبار كفاية مبادئ هذه السيميائيات تم تطبيق مفاهيمها النظرية على خطابات روائية وشعرية، وعلى سردية الجوائح، وخطاب الجنون .
ودأب الدارسون على الحديث عن المعنى باعتباره معطى يفهم من محتوى هذا الخطاب أو ذاك، وأن المتلقين يفهمون ما يسمع، أو ما يقرأ، أو يشاهد، لكن يتم تغيبب أسئلة معينة من قبيل: كيف يفهم المحتوى؟ لماذا يختلف فهم المتلقين للخطابات والنصوص؟ ما الآليات التي تعتمد في تحديد المعنى؟ هل المعاني كلية أم محكومة بشروط ثقافية ومرجعية معينة؟ هل المعنى معطى جاهز ومتضمن في الخطاب أم إن المتلقي هو من يعمل على تشييده وبنائه؟ علما أن هذه الأسئلة، وما يشاكلها، تحتاج إلى تقليب النظر والبحث في الآليات الموظفة للوصول إلى أجوبة مقنعة.
كما تقدم السيميائيات إجابات إجرائية تؤكد من خلالها أن المعنى يشيد اعتمادا على استثمار علاقتنا بالأشياء والعلامات، وبالحواس وبتجربتنا الثقافية، وبخلفيتنا المعرفية على نحو ما تؤكده إشارات اليد، مثلا، من سلام أو تهديد أو مصافحة أو تحديد زمني…؛ أي إن علاقتنا بالعالم مؤسسة على تشييد المعنى، وليس على المعطيات المعلنة والظاهرة فقط. من هنا نسبية المعاني، واختلافها باختلاف الثقافات.
ويعتبر جمال بندحمان، الأستاذ والباحث الجامعي، واحدا من الباحثين والفاعلين في المجال الثقافي والجمعوي المدني، فقد أصدر كتبا نقدية ورواية: الأنساق الذهنية في الخطاب الشعري – سيمياء الحي المركب- محنة ابن اللسان (رواية)؛ بالإضافة إلى عدد من المقالات والدراسات والأبحاث والخبرات في مجالات النقد والتربية والمجتمع .