السبت, فبراير 1, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيبلجيكا تصفع الكابرانات وتقرّ بالطابع الوجودي لقضية الصحراء

بلجيكا تصفع الكابرانات وتقرّ بالطابع الوجودي لقضية الصحراء


الدار/ تحليل

الموقف الذي عبرت عنه بلجيكا من خلال دعم مبادرة الحكم التي قدمها المغرب سنة 2007 يمثل عنوانا إضافيا في مسلسل الدينامية الإيجابية التي تشهدها القضية الوطنية منذ الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء في عهد ولاية ترامب الأولى. واعتبار وزير الخارجية والشؤون الأوربية والتجارة الخارجية والمؤسسات الثقافية البلجيكي، برنارد كوينتين، المبادرة المغربية للحكم الذاتي، التي قدمت سنة 2007، مجهودا جادا وموثوقا به من قبل المغرب، وأساسا جيدا لحل مقبول من الأطراف، ينسجم إلى حد كبير مع المواقف الغربية التي تطورت خلال السنوات القليلة الماضية، مستندة إلى الموقف الأميركي المؤسِّس لهذه الدينامية.

وزير الخارجية البلجيكي الذي تباحث مع نظيره ناصر بوريطة أدرك وفقا لتصريحاته “تفاصيل مخطط الحكم الذاتي، ومدى الطابع الوجودي لهذه القضية بالنسبة للمغرب”. بل إنه ذكّر أيضا بأن عددا من الشركاء الأوربيين قد طوروا مواقفهم تّجاه هذه القضية، وهذا يمثل اعترافا جديدا بهذه الدينامية التي لم تتوقف منذ فترة طويلة. لكن الوعي بالطابع الوجودي، أي المصيري، لقضية الصحراء بالنسبة للمغرب، يجسد في الحقيقة صلب هذا التطور الذي تشهده مواقف العديد من الدول الأوربية. ومن المؤكد أن الدور الذي لعبته الدبلوماسية المغربية وعلى رأسها وزير الخارجية ناصر بوريطة في نقل هذا الوعي المختلف إلى الشركاء الأوربيين كان له الفضل الكبير في ذلك.

في الماضي لم يكن هؤلاء الشركاء أو غيرهم يفهمون كثيرا مدى حرص المغاربة ملكا وحكومة وشعبا على وحدتهم الترابية، وعلى قضية الصحراء باعتبارها أولوية الأولويات. وكانوا غالبا ما يتأثرون بالتاريخ الزائف لهذا النزاع المفتعل باعتباره جزء من الملفات المعروضة على الأمم المتحدة، وهذا ما كان يحجب عنهم حقيقة ما تمثله بالنسبة إلينا في المغرب. ولعلّ نشر هذا الوعي الجديد بالطابع الوجودي والمصيري للقضية هو جوهر العمل الذي قامت به الخارجية المغربية في السنوات القليلة الماضية، وهو أساس المبادرات التي تعمل عليها حاليا، وستواصل العمل عليها مستقبلا. يجب على الأوربيين أو غيرهم أن يدركوا أن الصحراء في مغربها والمغرب في صحرائه، وأنه من المستحيل تصور غير هذا الحل السياسي المندرج تحت السيادة الوطنية.

أيّ حل آخر يهدف إلى فصل المغرب عن أقاليمه الجنوبية أو استنبات دويلة وهمية سيكون وبالاً على المنطقة، ولن يجلب معه إلا عدم الاستقرار والانفلات، والمزيد من القلاقل والتوترات. ومن المؤكد أن منطقة الساحل والصحراء في غنى عن أيّ نزاع أو حرب جديدة يمكن أن تأتي على الأخضر واليابس. هذا هو مفتاح الوعي بالطابع الوجودي لقضية الصحراء بالنسبة إلى المغاربة. فنحن مستعدون لأيّ خيار إذا فُرض علينا أو تعرّضنا بسببه إلى الابتزاز والمزايدة حول انتمائنا ووحدتنا الترابية. القضية وجودية لأنه من المستحيل تصوّر المغرب دون هذا الجزء العزيز من ترابه، مثلما لا تستطيع المملكة البلجيكية تصور كيانها دون الإقليمين والقوميتين الرئيسيتين اللتين تكوّنانها.

ومن هذا المنطلق يبدو أن دعم بلجيكا للقرار 2703 الصادر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والذي أشار إلى دور ومسؤولية الأطراف في البحث عن تسوية سياسية واقعية وبراغماتية ومستدامة وقائمة على التوافق، يُترجم إلى حدّ بعيد هذا الإدراك لمدى حساسية القضية الوطنية في المغرب. وهذه التسوية الواقعية والبراغماتية وحدها القادرة على تلبية هذا المطلب الوجودي، لأنها ستحلّ النزاع المفتعل في إطار السيادة الوطنية، وستضمن في الوقت نفسه للصحراويين تدبير شؤونهم المحلية بأنفسهم، تحت راية وطنهم الأم. وبلجيكا تنضاف اليوم إلى دول أوربية أخرى أدركت أيضا هذا الطابع الوجودي للقضية على غرار فرنسا وإسبانيا وألمانيا وهولندا.





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات