بعد مرور حوالي نصف قرن، لا يزال المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر يطالبون بالإنصاف والتعويض، وينشدون من رئاسة الحكومة تخصيص مدخول شهري للعائلات في وضعية هشاشة، إلى حين استرجاع ممتلكاتهم وأموالهم التي يقدرونها بحوالي 20 مليار دولار.
وفي ندوة نظمتها جمعية المغاربة ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، اليوم الإثنين بالرباط، بمناسبة الذكرى 49 لعملية الترحيل التعسفي، جدد المتضررون المقدر عددهم بحوالي 350 ألف شخص، و45 ألف عائلة، المطالبة بالتعويض المناسب عن الضرر الجماعي، سواء التعويض المعنوي المتمثل في تقديم اعتذار رسمي من الدولة الجزائرية، أو التعويض المادي عما فقدوه من أموال وممتلكات.
وذكّر الضحايا بما تعرضوا له في 18 دجنبر 1975، تزامنا مع عيد الأضحى، من طرد على يد الدولة الجزائرية التي أقاموا فيها لعدة عقود، بشكل تعسفي، كرد فعل سياسي من النظام الجزائري ضد الملك الراحل الحسن الثاني على المسيرة الخضراء، ما خلف مأساة إنسانية حقيقية.
ودعا المتضررون الدولة المغربية إلى تنفيذ التوصية الأممية المرتبطة بتحسين الوضعية الاجتماعية والاقتصادية وإعادة إدماج الضحايا من خلال الاستمتاع بالحقوق والعمل على جبر الضرر، مناشدينها بوقف عملية تنفيذ الإفراغ من السكن الوظيفي في حق الأسرة المعنية بالطرد التعسفي والتي توجد في وضعية هشاشة تجنبا لتعريضها للضياع والتشرد من جديد.
وطالب الضحايا وزارة الشؤون الخارجية بتبني ملف استرجاع الأموال المنقولة والعقارات والمدخرات والتعويض عن الأجور والمعاشات للضحايا، بإدراج الملف في أروقة المحافل الدولية المعنية، ومن خلال إدراج هذا الملف في المفاوضات مع الجزائر وفق أجندتها الديبلوماسية أمام الأمم المتحدة وهيئاتها المعنية بحقوق الضحايا.
وفي انتظار استرجاع الضحايا لممتلكاتهم وأموالهم التي قدرها خبراء دوليون سنة 2010 بعشرين مليار دولار، ناشدت الجمعية رئاسة الحكومة المغربية بتخصيص مدخول شهري لعائلات الضحايا في وضعية هشاشة وإدماج أبنائهم في سوق الشغل في إطار مقاربات اجتماعية مبتكرة على غرار الحصيص المخصص المكفولي الأمة
كما دعا ذات المصدر المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان إلى تتبع تنفيذ التوصيات الأممية المرتبطة بالموضوع، وتتبع حالات الاختفاء القسري للمغاربة بالجزائر سنة 1975 المعلنة من طرف اللجنة الأممية المعنية بالاختفاء القسري، مع دعوة المجلس الوطني لحقوق الإنسان الى الشروع في تنظيم جلسات الاستماع للضحايا من أجل توثيق التعسفات والأضرار التي لحقت الضحايا، وذلك بتعاون مع كافة الجهات الوطنية المعنية، والترافع عن هذا الملف أمام الهيئات الدولية.
وشدد المتضررون على ضرورة حفظ الذاكرة عبر قيام مؤسسة أرشيف المغرب بمواكبة الضحايا من أجل حفظ الوثائق بكل أصنافها والتي توثق وتؤرخ لهذه الجريمة واستغلالها من أجل البحث العلمي وطبعها ونشرها وتنظيم معارض حولها.
وبخصوص دولة الجزائر، طالبت جمعية الضحايا بتقديم اعتذار رسمي، وتفعيل التوصيات الصادرة عن اللجنة المعنية بحماية حقوق جميع العمال المهاجرين وأفراد أسرهم التابعة، واتخاذ التدابير المناسبة لتسهيل جمع شمل العمال المهاجرين المغاربة الذين تم طردهم مع عائلاتهم الباقين في الجزائر، وإرجاع الممتلكات المصادرة بالجزائر لأصحابها أو تقديم تعويض مناسب لهم من أصول أو فروع، وإرجاع الأموال المرصودة في الأبناك الجزائرية والمعاشات والأجور المجمدة لأصحابها منذ سنة 1975.
كما دعت الجمعية الجزائر إلى الكشف عن مصير المغاربة ضحايا الاختفاء القسري منذ سنة 1975، وتعويض العمال أو زوجاتهم الأرامل أو أبنائهم الذين يحملون أرقام صناديق التقاعد الجزائري، وتقديم تعويضات الشهداء والمجاهدين المغاربة المشاركين في الثورة الجزائرية وتحويلها إلى خزينة الدولة المغربية، والإفراج عن تعويضات الدولة الفرنسية عن الأضرار أو الإصابات التي لحقت بالمغاربة أثناء مشاركتهم في حرب تحرير الجزائر، ناهيك عن المطالبة بالإفراج عن المغاربة ضحايا الهجرة السرية القابعين في السجون الجزائرية.