كشف المكتب المركزي للأبحاث القضائية، بعد توصله بمعلومات استخباراتية دقيقة من المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، عن إحباط مخطط إرهابي وشيك كان في مرحلة متقدمة من التحضير لتنفيذ عمليات تفجيرية. وأسفرت العملية عن توقيف أربعة عناصر متطرفة، بينهم ثلاثة أشقاء، جميعهم مرتبطون بتنظيم داعش، وتتراوح أعمارهم بين 26 و35 سنة.
وفي سياق متصل، كشف مدير المكتب المركزي للأبحاث القضائية، “الشرقاوي حبوب”، خلال ندوة صحافية بسلا، عن تطور خطير في أساليب تجنيد العناصر الإرهابية، حيث أصبحت ظاهرة “الاستقطاب الأسري” تشكل رافدًا قويًا لنشر الفكر المتطرف داخل الخلايا المفككة.
وفي حديث مع “أخبارنا”، أكدت فاطمة يعقوبي، الباحثة في قضايا الإرهاب والتطرف وعضو المركز الدولي لدراسة قضايا الإرهاب، أن “الإرهاب لا يزال خطرًا قائمًا في المغرب، بل تكشف المعطيات الأخيرة عن تطوره بشكل مقلق، مما يشكل تهديدًا حقيقيًا للمجتمع، ويفرض مقاربة لا تقتصر على الجانب الأمني فقط، بل تمتد إلى العمل الوقائي والاستباقي، خاصة أن التطرف يستهدف الشباب المغربي، الذي يقع ضحية لمنظمات ذات أجندات خفية”.
وأضافت المتحدثة أن خطورة الخلية المفككة لا تكمن فقط في المشاريع الإرهابية التي كانت بصدد التخطيط لها، بل في بنيتها المبنية على الارتباط العائلي، حيث ينخرط الأشقاء في فكر متطرف موحد، مما يجعل تفكيك هذه الخلايا أكثر تعقيدًا.
وأكدت أن هذه الظاهرة تعكس تحولا استراتيجيا خطيرا في أساليب الجماعات الإرهابية، التي لم تعد تقتصر على استقطاب الأفراد المعزولين أو التجنيد عبر الإنترنت، بل باتت تستغل الروابط العائلية كوسيلة آمنة لاستقطاب أعضاء جدد.
وأمام هذا التحدي، شددت الخبيرة على ضرورة اعتماد مقاربات استباقية شاملة، لا تقتصر على الضربات الأمنية فقط، بل تشمل أيضًا استراتيجيات اجتماعية وتوعوية تستهدف الأسر، لمنع انتشار الفكر المتطرف داخلها. وأضافت أن “كل فعل أو سلوك متطرف هو نتيجة أفكار مرجعية متشددة، ما يجعل التوعية الفكرية والوعي العام سلاحًا أساسيًا لمواجهة الظاهرة”.
هذا، ورغم هزيمة “داعش” ميدانياً، إلا أنه لا يزال يشكل تهديدًا فكريًا وأيديولوجيًا، إذ بات ينتشر بين الشباب حول العالم، والمغرب ليس استثناء. وهو ما يفرض على قطاعات التربية والتعليم والثقافة لعب دور محوري في التصدي لانتشار الفكر المتطرف، وتعزيز المناعة الفكرية لدى الأجيال القادمة.