نظمت جمعية “منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته”، الجمعة، فعاليات الدورة 13 لـ”زهرية مراكش.. موسم تقطير ماء الزهر”، احتفاء بقدوم فصل الربيع، وبتقاليد تقطير ماء الزهر وطقوسه المغربية العريقة. وهي طقوس حضارية رائقة نسوية بالأصالة، قديمة العهد وضاربة في التاريخ الحضري للمدينة الحمراء.
وتعد هذه التظاهرة، التي تنظم خلال الفترة الممتدة من 21 مارس الجاري إلى 15 أبريل المقبل، طقسا يكرس مراكش عاصمة لتقطير ماء الزهر، الذي تتعهده الأم وتلقنه لابنتها بعدما أخذته عن الجدة. ونساء مراكش يقبلن على عملية التقطير، سواء في المنازل أو في التعاونيات أو بمبادرة من الجمعيات التراثية أو في الهيئات الثقافية المتحفية أو ذات الصلة بالصناعات الثقافية، إبان ظهور زهر النارنج على الأشجار خلال شهر مارس.
وخلال الحفل الافتتاحي لهذه الفعاليات قدمت السعدية بوفوس، عضو مكتب جمعية “منية مراكش”، تحت زغاريد النساء، المراحل التي يقطعها التقطير، مستعينة بالأواني التي أعدت لهذا الغرض. وشرحت بالتفصيل كيف تستعمل المراكشيات قطاراتهن (آنيات التقطير) كل فصل ربيع ويستعدِدْن لقضاء سويعات جميلة وقت التقطير وجمع الشمل وبث البهجة في نفوس الأسرة الصغيرة والكبيرة.
وعن “زهرية مراكش”، التي تنظم دورتها الحالية تحت شعار “الزهر اللّي ترجى تلقاه فمراكش البهجه”، قال مولاي جعفر الكنسوسي، رئيس جمعية “منية مراكش”، إن الجمعية طورت هندسة ثقافية مبتكرة حولت هذا الاحتفال العائلي والخاص إلى حدث ثقافي واحتفالي كبير يعزز شأن المدينة الحمراء، مبرزا أن الهدف من ذلك هو إقامة موسمية في مراكش لاستقبال فصل الربيع.
وأشار الكنسوسي إلى أن حفل الزهرية هو مناسبة مواتية لإعادة تعزيز الصلات الاجتماعية، مضيفا أن من شأن موسم “زهرية مراكش” أن يسهم في إشعاع المدينة الحمراء ثقافيا، وفي تعزيز الصناعات الثقافية والخلاقة بالمملكة، وكذا على المستويين الاقتصادي والسياحي.
وتابع قائلا إن “هذا الإرث هو أمانة يعنى به، إلى جانب الوسط النسوي الذي حافظ عليه مدة قرون، باحثون جامعيون وأطر وخبراء وصيادلة وعطوريون وتجار. لذا قامت جمعية “منية مراكش” بتوسيع دائرة المهتمين به، ولفت انتباه مسؤولي المدينة وهيئات المجتمع المدني بابتكار هندسة ثقافية مجددة أدرجت فيها العنصر العلمي والحرفي والأدبي والموسيقي والشعبي. وقد عملت منذ أكثر من عقد من الزمن على ترسيم “زهرية مراكش” كتراث حي ليصبح موسما سنويا قارا تحتفل به المدينة، ويضمن لها مقامة ثقافية جديدة تسهم في إشعاعها الحضاري والاقتصادي”.
وسجلت مراسم تقطير ماء الزهر في قائمة التراث الثقافي الوطني، في يوليوز 2022، ولدى منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “إيسيسكو” كتراث ثقافي للعالم الإسلامي، باقتراح من جمعية “منية مراكش”.
ويتضمن برنامج الدورة الـ13 من هذه التظاهرة الثقافية فقرات غنية ومتنوعة، منها تنظيم دورة تكوينية للمتعلمين والمتعلمات حول كيفية تقطير ماء الزهر بمقر جمعية “منية مراكش” بالجبل الأخضر، ومراسم تقطير ماء الزهر في العديد من الفضاءات والمراكز الثقافية بالمدينة الحمراء. إضافة إلى جلسة في فن الحكاية، الذي يصنف في خانة الثقافة الشفهية والشعبية، ووصلات موسيقية من الطرب الأندلسي، تحت إشراف الفنان محمد باجدوب، وعروض في ألوان موسيقية عريقة مثل الملحون والدقة المراكشية.
يذكر أن الدورة الـ13 لـ”زهرية مراكش” نظمت بشراكة مع وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، ووزارة الشباب والثقافة والتواصل، وولاية جهة مراكش ـ آسفي، وجماعة مراكش، وبعض الجمعيات والمراكز الثقافية والمؤسسات التعليمية.