أكد موقع “ميليتاري أفريكا”، المتخصص في الشؤون العسكرية الإفريقية، في تقرير له، أن الهند شرعت في مبادرة دفاعية مهمة من أجل تحديث أسطولها من دبابات “تي-72” روسية المنشأ، بهدف تصدير النماذج المتطورة منها إلى مجموعة من الأسواق في الشرق الأوسط وإفريقيا وشرق آسيا.
وأوضح الموقع سالف الذكر أن “عمليات التحديث ستجرى في الهند من خلال خبراء وتقنيين هنود وروس”، مسجلا أن “هذه المبادرة هي جزء من استراتيجية أوسع لسحب دبابات “تي-72″ الحالية من خدمة الجيش الهندي واستبدالها بنماذج أكثر تقدما، حيث تضم ترسانة القوات المسلحة الهندية ما يقرب من 2500 دبابة من هذا الطراز، تشكل العمود الفقري للقوات المدرعة منذ سبعينيات القرن الماضي”.
ولفت المتحدث ذاته إلى أن “هناك طلبا قويا على هذه الدبابات، لا سيما من دول في إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا”، معتبرا في هذا الصدد أن المغرب يعد من الدول التي تمتلك دبابات “تي -72” والتي قد تكون مهتمة بالحصول على إصدارات حديثة لتعزيز قدراتها القتالية، في وقت أكد مهتمون بالشأن الدفاعي تحدثوا لهسبريس أن المملكة قد تكون زبونا محتملا لهذه النسخ المحدثة التي تسعى نيودلهي إلى تطويرها بالنظر إلى مجموعة من العوامل التقنية والاستراتيجية.
قدرات تكتيكية وتجربة سابقة
في هذا الإطار، قال عبد الرحمان مكاوي، خبير في الشؤون العسكرية، إن “دبابة “تي- 72” أثبتت نجاعتها وفعاليتها في العديد من ساحات الحروب، إذ تتميز بقدرتها على العمل في مختلف الظروف المناخية. كما تتميز باستهلاكها المنخفض للوقود؛ أضف إلى ذلك سعرها المناسب، الذي يعد في متناول مجموعة من الدول التي قد تكون مهتمة بشرائها من الهند عكس الدبابات الغربية مرتفعة التكلفة على غرار دبابات “أبرامز” الأمريكية أو “تايغر” الألمانية”.
وأوضح مكاوي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “النسخ المحدثة من دبابات “تي- 72″، التي تسعى الهند إلى بيعها إلى مجموعة من الدول في الشرق الأوسط وإفريقيا وآسيا، تتوفر على أنواع مختلفة من الأسلحة؛ على غرار السلاح الرئيسي المتمثل في مدفع عيار 125 مليمتر، ومدفع رشاش ثانوي مضاد للطائرات عيار 12,7 ميليمترات، ويمكن من إسقاط الأهداف منخفضة الطيران. كما تبلغ سرعتها حوالي 60 كيلومترا في الساعة، إضافة إلى ميزات أخرى تجعلها نموذجا جذابا بالنسبة للعديد من الجيوش”.
وسجل الخبير العسكري ذاته أن “المغرب يتوفر على نسخ من هذه الدبابات، حيث سبق أن أرسل بعضا منها للصيانة والتحديث في تشيكوسلوفاكيا قبل أن تتبخر ويتم إلحاقها بساحة الحرب في أوكرانيا”،، مؤكدا أن “التجربة التي راكمتها القوات المسلحة الملكية في التعامل مع هذه الدبابة يجعل من المملكة المغرب زبونا محتملا لهذه القطع العسكري، التي خضعت للتحديث في الهند وتسعى نيودلهي الآن إلى بيعها إلى بعض الدول”.
واعتبر المتحدث ذاته أن “مستوى التعاون العسكري بين الهند والمغرب، على غرار اتفاق الاستثمار الموقع أخيرا بين البلدين لتصنيع مركبات قتالية بالمملكة، يدفع في اتجاه اقتناء الرباط لنسخ من هذه الدبابات على الرغم من بعض الصعوبات التي قد تنشأ بسبب إمكانية معارضة الدول الغربية لهذه الخطوة نتيجة صراعها مع روسيا صاحب المنتج الأصلي”، مؤكدا في الوقت ذاته أن “الهند أصبح من المنتجين الكبار لإحدى النسخ من الدبابات الروسية على غرار دبابة تي 90؛ وبالتالي فإن تقوية العلاقات مع الهند سيمكن العديد من الدول التي تتلمس طريقها نحو التصنيع الدفاعي كالمغرب من الاستفادة من الخبرة الهندية على هذا المستوى”.
قيمة مضافة وردع استراتيجي
من جهته، أورد هشام معتضد، باحث في القضايا الاستراتيجية، أن “إقدام المغرب على اقتناء النسخ المحدثة من دبابات T-72 سيمثل قيمة مضافة كبيرة على المستويين العسكري والاستراتيجي؛ فمن الناحية العسكرية، يعد هذا النوع من الدبابات من أعمدة قوات المدرعات في العديد من الجيوش، نظرًا لقوتها النارية، وقدرتها على التكيف مع تضاريس مختلفة، بما في ذلك التضاريس الوعرة التي قد تكون مشابهة للبيئة المغربية”.
ومن الناحية الاستراتيجية، أكد معتضد أن “امتلاك تكنولوجيا حديثة ومعتمدة عالميًا، مثل دبابات T-72 المحدثة، يعد عاملاً مهمًا في تحقيق الردع الاستراتيجي؛ فامتلاك هذه الدبابات يعزز القدرة على مواجهة التهديدات المحتملة في المنطقة، ويعطي للمغرب عمقًا استراتيجيًا يمكنه من الدفاع عن حدوده والتدخل في النزاعات التي تتطلب استعراض القوة المدرعة. بالإضافة إلى ذلك، تمثل الدبابات الحديثة عاملاً في تعزيز الهيبة العسكرية للمملكة، مما يزيد من قدرتها على بناء شراكات إقليمية ودولية”.
وتابع المصرح لهسبريس بأنه “توجد دوافع عسكرية وتكتيكية عديدة تجعل الجيش المغربي ينظر إلى دبابات T-72 المحدثة كخيار مناسب لتطوير قدراته القتالية، إذ تتميز أولا بالمرونة التكتيكية؛ مما يجعلها مثالية لعمليات الدفاع والهجوم في مناطق متنوعة، كالصحاري والمناطق الجبلية، إذ تسمح تمنح هذه الميزة القوات المغربية القدرة على الرد السريع على التهديدات الداخلية والخارجية”، موضحا أن “هذه الدبابات تأتي بتكلفة أقل مقارنة بنماذج غربية أكثر تقدمًا، مما يتناسب مع استراتيجية المغرب في تحسين القدرات العسكرية مع الحفاظ على توازن الميزانية”.
وشدد على أن “الاعتماد على موردين مثل الهند يمكن أن يوفر للمغرب مرونة أكبر في التفاوض والحصول على المعدات بشكل أسرع. كما يعزز تنويع الموردين الاستقلالية الاستراتيجية ويمنح الرباط حرية أكبر في تحديد أولوياته الدفاعية “، مبينا أن “المغرب يسعى إلى تعزيز قدراته الدفاعية والهجومية في منطقة مضطربة، حيث التوازن العسكري بين الدول الفاعلة في المنطقة يشكل عنصرًا حاسمًا في الاستقرار. لذا، فإن اقتناء هذا النوع من الدبابات يتيح للمغرب تحقيق التوازن في مواجهة التحديات المحتملة من جيرانه، خاصة في سياق التوترات التي قد تطرأ بين الحين والآخر”.