أكد مدير الشؤون الجنائية والعفو ورصد الجريمة بوزارة العدل، هشام ملاطي، أن البرنامج التأهيلي “مصالحة” يشكل نقطة مضيئة ضمن السياسة الجنائية الوطنية، لأنه يعكس الاستراتيجية العالمية لمكافة الإرهاب التي تنبني على مداخل الوقاية والتأهيل وإعادة الإدماج.
وأبرز ملاطي في كلمة بالسجن المحلي بسلا، خلال اختتام فعاليات الدورة الـ15 من البرنامج التأهيلي “مصالحة”، والتي استفاد منها 21 نزيلا محكوما في قضايا التطرف والإرهاب، أن المقاربة الزجرية لوحدها غير كافية للقضاء على ظاهرة التطرف والإرهاب، بل إن الأمر يقتضي أيضا تبني مقاربات وقائية واستباقية.
وأضاف المسؤول بوزارة العدل أن هذا البرنامج استفاد منه حتى الآن 343 نزيلا، وذلك من خلال متابعة مجموعة من المحاضرات وتلقي دروس في إطار الفلسفة التي بني عليها البرنامج، وهي المصالحة مع الذات والمجتمع والقاعدة الدينية والقانونية.
بدوره، قال الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء، رئيس “مركز مصالحة”، أحمد عبادي في تصريح للصحافة بالمناسبة، إن البرنامج التأهيلي “مصالحة” يتشكل من باقة من الكفايات والمواكبات، يضطلع جملة من الخبراء بتمليكها للنزلاء الذين واكبوا هذا البرنامج ونشأته.
وأوضح عبادي أن هذا البرنامج يشمل ثلاثة محاور، وهي المصالحة مع الذات، والمصالحة مع النص الديني ومع التدين والدين بشكل عام، والمصالحة مع المجتمع بقوانينه وتشريعاته ومؤسساته وإعادة الاندماج فيه، وذلك من أجل تجنب الوقوع في اختيارات غير سليمة.
من جانبه، أكد منسق مؤسسة محمد السادس لإعادة إدماج السجناء، عبد الواحد جمالي الإدريسي، أن الدورة ال 15 من البرنامج التأهيلي “مصالحة”، ركزت، أساسا، على الجوانب الحقوقية والدينية وسبل التصالح مع الذات والمجتمع وفك الارتباط مع الخطاب العنيف والكراهية.
وأضاف الإدريسي في تصريح مماثل، أن هذه الدورة مكنت، أيضا، النزلاء المشاركين فيها من اتباع الأسس السليمة في التدين وتصحيح المغالطات من أجل إعادة اندماجهم بشكل سلس في المجتمع وانخراطهم في المبادرات المفيدة والنافعة، فضلا عن مساعدتهم على الاندماج في النسيج الاقتصادي.
واعتبر النزيل (ع. م)، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن مشاركته في برنامج “مصالحة” تأتي في إطار الاعتراف بالخطأ الذي ارتكبه حينما ارتمى في مستنقع التطرف والإرهاب، مؤكدا أن المسؤولين على البرنامج والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج قاموا بانتشاله من هذا المستنقع من أجل تصحيح أفكاره المغلوطة.
وأضاف قائلا “اليوم تصالحنا مع ذواتنا ومع ديننا ومجتمعنا، ونتطلع لكي نكون فاعلين في المجتمع والمساهمة في نماء بلدنا”.
أما النزيل (م. م) فأكد، في تصريح مماثل، أنه استفاد من هذا البرنامج، من خلال متابعته للعديد من الدروس والمحاضرات التي تطرقت إلى الجوانب الدينية والقانونية والحقوقية والاقتصادية والنفسية.
وأشار إلى أن التكوينات التي تلقاها في هذا المجال جد قيمة ومفيدة، مبرزا أنه اكتسب مناعة ضد أفكار التطرف والإرهاب، والتي ستساعده على بدء صفحة جديدة في حياته والتصالح مع الذات والدين والمجتمع.
حضر حفل اختتام هذه الدورة على الخصوص كل من المندوب العام لإدارة السجون وإعادة الإدماج، محمد صالح التامك، ووفد عن السفارة البريطانية، كضيف شرف، للإطلاع على التجربة المغربية المتفردة في مكافحة التطرف والإرهاب، فضلا عن ممثلي الشركاء المؤسساتيين والخبراء والأساتذة المؤطرين لحصص البرنامج.
وتهدف هذه الدورة التي أشرف عليها “مركز مصالحة” المحدث بناء على التعليمات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، إلى تعزيز قيم المواطنة ونشر قيم التسامح والاعتدال وصون الكرامة الإنسانية، علاوة على المساهمة في تنفيذ استراتيجيات وبرامج الوقاية من التطرف العنيف وإعادة تأهيل وإدماج المحكوم عليهم في إطار قضايا التطرف والإرهاب.
وفي ختام هذا اللقاء، جرى افتتاح الدورة الـ16 من برنامج “مصالحة”، والتي سيشارك فيها 20 نزيلا.
يشار إلى أن البرنامج التأهيلي “مصالحة ” انطلق سنة 2017 ويستهدف السجناء المحكومين نهائيا في قضايا التطرف والإرهاب.
واستفاد من البرنامج حتى الآن 343 نزيلا، بينهم 177 نزيلا أفرج عنهم بموجب عفو ملكي سامي، إضافة إلى 54 نزيلا استفادوا من تخفيض مدة العقوبة بموجب عفو ملكي سامي ايضا، لتصل نسبة الاستفادة من العفو الملكي إلى 63,63 في المئة من مجموع النزلاء المشاركين في البرنامج.