سجلت صادرات الصناعة التقليدية المغربية سنة 2025 نموا ملحوظا بنسبة 27% خلال شهري يناير وفبراير، مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية، وتجاوزت القيمة الإجمالية للصادرات 231 مليون درهم، في حين حقق شهر يناير 2025 نسبة نمو بلغت 31% مقارنة بشهر يناير من العام 2024.
وحسب معطيات صادرة عن كتابة الدولة المكلفة بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، فإن منتجات الفخار والحجر، إحدى أبرز الحرف التقليدية المغربية، عرفت تطورا جيدا في الأسواق العالمية، بعد أن سجلت صادراتها نموا بنسبة 21%، لتساهم بحصة 32% من إجمالي الصادرات المغربية.
كما شهدت الملابس التقليدية قفزة كبيرة في التصدير، محتلة المرتبة الثانية من حيث حجم الصادرات، محققة نسبة نمو فاقت 133% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي، وفي المقابل، شهدت صادرات الزرابي تراجعا طفيفا، حيث جاءت في المركز الثالث بحصة 16% من إجمالي الصادرات.
وأوضح المصدر ذاته أن الولايات المتحدة الأمريكية استمرت في تصدر قائمة الأسواق المستوردة للمنتجات المغربية، حيث حققت نسبة نمو بلغت 20% وحافظت على حصة قريبة من 40% من إجمالي الصادرات.
ومن جانب آخر، سجلت تركيا تقدما ملحوظا، بعد ارتفاع وارداتها من الصناعة التقليدية المغربية بنسبة 144% مقارنة بنفس الفترة من 2024، لتحتل بذلك المركز الثاني بين الأسواق الأجنبية، أما السوق الفرنسية فقد حافظت على المركز الثالث بحصة بلغت 10%.
في هذا السياق أوضح المحلل الاقتصادي، محمد جدري، أن الصناعة التقليدية المغربية تعد واحدة من الأعمدة الرئيسية التي يقوم عليها الاقتصاد الوطني، فهي تساهم بشكل كبير في تشغيل اليد العاملة في مختلف المناطق، وتحقق قيمة مضافة من خلال تنوع منتجاتها، التي تشمل الفخار، والجلد، واللباس التقليدي، وغير ذلك من الحرف اليدوية.
وأكد جدري في تصريح لجريدة “العمق”، أن القطاع يواجه بعض التحديات، مشيرا إلى أن الصناعة التقليدية مرتبطة ارتباطا وثيقا بقطاع السياحة، مما يجعلها تؤثر بشكل كبير في الناتج المحلي من خلال السياح الذين يزورون المملكة سنويا لشراء المنتجات الحرفية التقليدية، لكن، وبالرغم من الأرقام الجيدة التي تحققها بعض المنتجات، يظل القطاع بحاجة إلى استراتيجيات فعالة لضمان استدامته وزيادة تنافسيته.
وأكد جدري ضرورة العمل على تشجيع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني من خلال دعم التعاونيات العاملة في هذا المجال، التي لا تزال تواجه صعوبة في الوصول إلى التمويلات الضرورية، مضيفا أن الرقمنة أصبحت اليوم إحدى الأدوات الأساسية التي يمكن أن تساهم في تطور هذا القطاع، من خلال تمكين الصناع من الانفتاح على أسواق جديدة سواء في السوق الوطنية أو الدولية.
وأوضح أن الرقمنة ستساعد الحرفيين على تسويق منتجاتهم لأكبر عدد ممكن من المستهلكين، وتسهيل الوصول إلى أسواق مثل الصين أو أوروبا، تماما كما يمكنهم الوصول إلى سوق الدار البيضاء.
وأكد جدري على أهمية الحفاظ على هذا الموروث الثقافي والتقليدي، مشددا على ضرورة إجراء تكوينات مهنية للشباب من خلال التعليم المهني أو برامج “الفرصة الثانية”، لضمان استمرارية هذه الصناعات، معتبرا أن قطاع الصناعة التقليدية لا يسهم فقط في الاقتصاد الوطني من خلال توفير مناصب شغل، بل أيضا في تعزيز الهوية الثقافية المغربية.
ختاما، شدد جدري على أهمية اتخاذ خطوات عملية لزيادة تمويل القطاع ودعمه، وتوفير الحوافز اللازمة لتعزيز قدرته التنافسية في الأسواق العالمية، بالإضافة إلى ضرورة الحفاظ على الموروث الثقافي المغربي الذي يشكل جزءا أساسيا من الهوية الوطنية.
هذا، واستعادت مدينة الدار البيضاء مكانتها كأكبر قطب لتصدير المنتجات التقليدية المغربية، محققة نموا بلغ 25%، ومساهمة بحصة تقارب 42% من إجمالي الصادرات، وبالمقابل تراجعت مراكش، التي تصدرت القائمة في 2024، إلى المركز الثاني بحصة بلغت 37%، كما حافظت مدينة فاس على مركزها الثالث، بمساهمة تقدر بحصة 13% من إجمالي الصادرات.