في خطوة تحمل أبعادًا استراتيجية وسياسية عميقة، كشفت تقارير إعلامية إسبانية أن المغرب بدأ تفعيل سيطرته على أجزاء من المجال الجوي للصحراء المغربية، بعد عقود من إدارة هذا المجال بشكل شبه كامل من جزر الكناري الإسبانية.
وأوضحت صحيفة “إل إنديبينديينتي”، نقلاً عن مصادر موثوقة، أن الرباط أصبحت تتحكم حاليًا في حوالي 20% من المجال الجوي لهذه المنطقة، ما يشكل تحولًا كبيرًا في معادلة النفوذ الجوي بين البلدين.
ووفقًا للتقرير، فإن هذه الخطوة جاءت في إطار محادثات سرية بين الحكومة الإسبانية والمغرب، والتي يبدو أنها تمهد لتغيير تدريجي في إدارة الأجواء الصحراوية.
وأشار المصدر نفسه إلى أن المغرب بدأ فرض مناطق حظر جوي فوق مواقع محددة مخصصة للتدريبات العسكرية، ما أدى إلى تعديل الخرائط الجوية القديمة التي كانت تمنح مدريد السيطرة المطلقة على الأجواء الصحراوية منذ انسحابها من المنطقة عام 1975.
وتُظهر الخريطة الجديدة للمجال الجوي التي نشرتها الصحيفة الإسبانية أن المغرب بات يُدير 6 مناطق جوية في الصحراء المغربية، تشمل مدنًا استراتيجية مثل الداخلة والعيون، حيث تمتد سيطرته على ارتفاعات تصل إلى 12,500 قدم.
هذه التطورات تأتي بالتزامن مع إنشاء المغرب قواعد عسكرية وتدريبات مكثفة في المنطقة، مما يعكس توجهًا واضحًا نحو تعزيز السيادة الوطنية على كافة المستويات.
هذا التحول في إدارة المجال الجوي يتزامن مع تطورات إيجابية في العلاقات المغربية-الإسبانية منذ التوقيع على الاتفاق التاريخي بين الجانبين في أبريل 2022، والذي أعاد الدفء إلى العلاقات بعد توترات حادة.
ووضع الاتفاق أسسًا لشراكة استراتيجية شملت مجالات متعددة، من بينها الاقتصاد والتجارة والتعاون الأمني، بالإضافة إلى مكافحة الهجرة غير الشرعية.
وتظل الأيام القادمة كفيلة بالكشف عن المزيد من تفاصيل هذا الاتفاق غير المعلن، وعن مدى تأثيره على العلاقة بين الجارين.
لكن الواضح أن المغرب يواصل تثبيت حضوره الاستراتيجي من خلال توالي الاعترافات بالصحراء المغربية، مستفيدًا من علاقاته الدبلوماسية المتينة مع القوى الإقليمية والدولية لتحقيق أهدافه السيادية والتنموية.