عاشت النيجر مؤخرا أزمة طاقية حادة كادت أن تؤدي إلى انقطاع تام للكهرباء في البلاد، مما هدد بشلل كامل في مختلف القطاعات الحيوية. جاء ذلك بعد قرار نيجيريا وقف تصدير الكهرباء إلى النيجر، ما وضع الأخيرة في موقف صعب أمام تحدياتها الطاقية المتزايدة. في ظل هذه الأزمة، لجأت حكومة النيجر إلى المغرب، الذي سارع إلى تلبية احتياجاتها، في خطوة تعكس عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين.
ولم يتأخر المغرب عن الاستجابة، حيث أرسل عددا كبيرا من المولدات الكهربائية إلى النيجر لضمان استمرارية تزويدها بالطاقة. رافق ذلك بعثة مكونة من ثلاثين مهندسا وفنيا مغربيا، انتقلوا إلى النيجر لتركيب وتشغيل المولدات والتأكد من عملها بفعالية.
تجسد هذه المبادرة التزام المملكة المغربية بتعزيز التعاون الإقليمي ودعم التنمية والاستقرار في منطقة الساحل. يأتي ذلك امتدادا لنهج المغرب الراسخ في تعزيز علاقاته مع الدول الإفريقية، خاصة في مجالات الطاقة والبنية التحتية والتدريب الفني.
خلال السنوات الأخيرة، ساهم المغرب في تطوير العديد من المشاريع التنموية في دول إفريقيا جنوب الصحراء، بما في ذلك النيجر، في إطار سياسته الرامية إلى تكريس شراكات استراتيجية مع هذه الدول. وتمتاز العلاقات المغربية النيجيرية بتاريخ طويل من التعاون في مجالات تشمل الزراعة والتعليم والتبادل التجاري، حيث يحرص البلدان على تعزيز تعاونهما لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين الظروف المعيشية لشعبيهما.
وحظيت الخطوات المغربية بتقدير واسع في الأوساط النيجيرية، حيث يُنظر إليها كدعم حقيقي لمواجهة تحديات الطاقة. كما أنها تعبر عن تضامن إفريقي متجدد يُتوقع أن يسهم في تحسين العلاقات الثنائية وتطويرها بشكل أكبر مستقبلا، لا سيما في ظل توجه المغرب لتعزيز حضوره على مستوى القارة الإفريقية عبر دبلوماسية التنمية.
تؤكد هذه الأزمة الطاقية وكيفية التعامل معها على الدور الإيجابي الذي يلعبه المغرب في تعزيز التكامل الإفريقي. يسهم ذلك في بناء أسس تعاون مثمر ومستدام بين بلدان القارة السمراء بمنطق “رابح-رابح”، تنفيذا للرؤية الملكية التي تدعو إلى انفتاح المغرب على محيطه الإفريقي.