كشفت جريدة “لاراثون” أن المغرب يدرس، بالتعاون مع الولايات المتحدة وفرنسا، إنشاء قاعدة عسكرية في أقصى جنوب الصحراء لإطلاق هجمات جوية من هناك، باستخدام الطائرات المسيرة والمقاتلات، ضد قواعد الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل.
ووفقا لمصادر مطلعة نقلت عنها صحيفة “لاراثون”، فإن هذه الهجمات ستتم بالتنسيق مع سلطات الدول المعنية، وهي النيجر ومالي وبوركينا فاسو، بهدف تحييد ما يعتبر تهديدا خطيرا، ليس فقط لهذه الدول، ولكن أيضا للمغرب، الذي ينظر إليه من قبل الجماعات الجهادية كعقبة أمام توسع خلاياها باتجاه أوروبا، أحد الأهداف الكبرى لهذا الإرهاب.
واستشهد تقرير الجريدة الإسبانية بالعملية الأخيرة التي نفذتها أجهزة الاستخبارات المغربية في عدة مدن، والتي أسفرت عن اكتشاف ترسانة من الأسلحة الحربية، مكنت من إحباط سلسلة من الهجمات التي خطط لها أحد قادة “داعش في الصحراء الكبرى”.
في هذا السياق أكد خبير الشؤون الاستراتيجية، هشام معتضد أن إنشاء قاعدة عسكرية في أقصى جنوب الصحراء، بالتنسيق مع الولايات المتحدة وفرنسا، يجسد تطبيقا عمليا لنظرية “الضربات الاستباقية” (Preemptive Strikes) التي تهدف إلى تحييد التهديدات قبل تحولها إلى خطر حقيقي على الأمن القومي.
هذا التوجه حسب المتحدث يعزز العقيدة العسكرية المغربية التي تعتمد على مزيج من الدفاع النشط والهجوم الوقائي، حيث يتيح وجود بنية تحتية عسكرية متقدمة إمكانية شن هجمات دقيقة باستخدام طائرات MQ-9 Reaper المسلحة، والتي تعتبر من بين أكثر الطائرات المسيرة فعالية في عمليات الاستطلاع والضربات الجوية ضد الأهداف المتحركة في المناطق الوعرة.
ويرى معتضد أن المغرب، من خلال هذه القاعدة، يسعى إلى تعزيز ما يعرف بـ “استراتيجية الردع الموسع” (Extended Deterrence)، حيث لا يكتفي بحماية حدوده، بل يوسع نطاق تأثيره الأمني ليشمل عمق منطقة الساحل، وبالتالي فإن هذا الردع لا يعتمد فقط على الوجود العسكري، بل على القدرة على تنفيذ عمليات عالية الدقة باستعمال مقاتلات F-16 Viper المجهزة بصواريخ AGM-114 Hellfire الموجهة بالليزر، والتي تتيح استهداف مواقع الجماعات الإرهابية بدقة بالغة، مما يُقلل الخسائر الجانبية ويُضعف معنويات الخصم.
وبالنظر إلى البيئة العملياتية المعقدة في الساحل، أوضح خبير الشؤون الاستراتيجية، أن القاعدة ستعزز أيضا قدرات الاستطلاع الإلكتروني والاستخباراتي، من خلال نشر أنظمة RADAR AN/APG-83 المتقدمة، مما يمكن المغرب من مراقبة التحركات غير النظامية للجماعات المسلحة وتحديد مواقعها بدقة.
وأضاف قائلا: “هذا سيسمح بتطبيق استراتيجية “السيطرة على المجال” (Area Denial)، حيث يصبح بإمكان القوات المغربية فرض طوق أمني جوي يمنع الإرهابيين من التنقل بحرية، ما يُضعف قدرتهم على تنفيذ عمليات تسلل باتجاه الشمال”.
واستطرد المتحدث قائلا: “وأظن أن هذه البنية العسكرية المتقدمة ستعزز أيضا التعاون الاستخباراتي مع الدول الشريكة، مما يمكن المغرب من الوصول إلى معلومات آنية تحسن من كفاءة العمليات”.
وأشار معتضد إلى أن هذا التوسع يحمل تحديات، حيث يمكن أن يدفع الجماعات الإرهابية لتبني تكتيكات حرب العصابات أو تكثيف الهجمات الانتحارية، ما يستدعي تعزيز التحصينات الدفاعية في المناطق الحدودية ونشر أنظمة Patriot PAC-3 الدفاعية لاعتراض أي تهديدات صاروخية محتملة.
وخلص خبير الشؤون الاستراتيجية، هشام معتضد، تصريحه بالتأكيد على أن إنشاء هذه القاعدة العسكرية سيرسخ مكانة المغرب كقوة إقليمية تطبق استراتيجيات عسكرية حديثة، تجمع بين الضربات الاستباقية، والردع الموسع، والسيطرة على المجال، وهو ما من شأنه أن يعزز الأمن القومي المغربي، ويتيح له لعب دور محوري في تأمين منطقة الساحل، ما يكرس المملكة كدرع أمني في شمال أفريقيا، ويفتح أمامها آفاقا أوسع لتعزيز التحالفات الدولية وترسيخ موقعها كفاعل استراتيجي مؤثر في معادلة الأمن الإقليمي والدولي.