ذكرت صحيفة “لوموند” الفرنسية أن المغرب أصبح وسيطًا لا غنى عنه للغرب في منطقة الساحل، حيث نجح في الحفاظ على علاقات إيجابية مع الأنظمة العسكرية الحاكمة في مالي، بوركينا فاسو، والنيجر. وأوضحت الصحيفة أن هذا الدور برز بشكل خاص في عملية إطلاق سراح أربعة عملاء فرنسيين تابعين للمديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسية (DGSE)، الذين كانوا محتجزين في بوركينا فاسو. وأشارت إلى أن العملية، التي جرت بوساطة مغربية، جاءت بعد عام من التعقيدات السياسية.
وأبرزت الصحيفة أن هذه الوساطة تمت بفضل جهود دبلوماسية مكثفة قادها المغرب، حيث طلب الملك محمد السادس مباشرة من قائد المجلس العسكري البوركيني، إبراهيم تراوري، الإفراج عن المحتجزين. واعتبرت “لوموند” أن هذه الخطوة تعكس النفوذ المتزايد للمغرب كوسيط رئيسي بين الدول الغربية والأنظمة الإفريقية.
وأضافت أن المغرب ساعد فرنسا في ظل توتر العلاقات بينها وبين بوركينا فاسو، خاصة بعد طرد السفير الفرنسي ومغادرة القوات الفرنسية. وأمام هذا الوضع المعقد، لجأت باريس إلى المغرب كحل بديل لفتح قنوات تواصل مع السلطات البوركينية.
وأشارت الصحيفة إلى أن المغرب سبق له لعب دور دبلوماسي ناجح في منطقة الساحل، حيث ساهم في أغسطس 2023 في إطلاق سراح الضابط الروماني يوليو غرجوت، المحتجز منذ عام 2015 على يد جماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة، إضافة إلى دوره في تحرير المهندس الألماني يورغ لانغه المختطف في النيجر عام 2018.
كما أوضحت الصحيفة أن المغرب يجري محادثات مع السلطات العسكرية في النيجر بشأن إطلاق سراح الرئيس محمد بازوم المحتجز منذ انقلاب يوليو 2023. ورغم رفض بازوم لشروط المجلس العسكري، التي تشمل استقالته ونفيه، فإن المغرب يبقى خيارًا مرجحًا كوسيط مستقبلي.
وأكد التقرير أن حياد المغرب تجاه الانقلابات العسكرية في الساحل منحه ميزة كبيرة كوسيط مقبول، خاصة أنه ليس عضوًا في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، التي تُرفض تدخلاتها من قبل الأنظمة العسكرية في المنطقة. وبدلًا من فرض شروط سياسية، يركز المغرب على تعزيز التعاون الأمني والدفاعي، خصوصًا في مكافحة الإرهاب.
كما لفتت الصحيفة إلى توسع النفوذ الاقتصادي والديني للمغرب في منطقة الساحل، حيث يساهم في تطوير قطاعات مثل الاتصالات والبنوك، بالإضافة إلى مبادرات إنسانية تشمل بناء المساجد والمراكز الصحية.
وختمت الصحيفة بالإشارة إلى مشاريع حديثة، مثل افتتاح محطة حرارية تحمل اسم الملك محمد السادس في نيامي عاصمة النيجر، مما يعكس التزام المغرب بتعزيز شراكاته مع دول الساحل وترسيخ مكانته كوسيط إقليمي بارز.