يواصل المغرب صدارة دول العالم كأكبر مستورد للشاي الصيني، محققا أرقاما قياسية خلال عام 2024، حيث بلغ إجمالي قيمة وارداته 2.43 مليار دولار أمريكي، ما يجعله الشريك التجاري الأول للصين في هذا القطاع، وهو الإنجاز الذي يعكس المكانة التي يحظى بها الشاي في الثقافة الاستهلاكية المغربية، حيث يعتبر المشروب الأكثر انتشارا في البلاد، ويتجاوز كونه مجرد عادة يومية ليصبح جزءا من الهوية الاجتماعية والتقاليد الراسخة.
وتعكس الأرقام المسجلة ديناميكية واضحة في الطلب المغربي على الشاي الصيني، ليس فقط من حيث القيمة، بل أيضا من حيث الكمية، إذ بلغ حجم الواردات 80,600 طن، متفوقا بفارق كبير على أقرب المنافسين، مثل غانا وأوزبكستان وروسيا وموريتانيا، في مؤشرات تؤكد أن المغرب لم يعد مجرد سوق استهلاكي للشاي، بل أصبح محورا تجاريا إقليميا مهما، حيث يعاد تصدير جزء من هذه الكميات إلى دول إفريقية أخرى، في ظل علاقات تجارية متنامية تربط المملكة بمحيطها القاري.
ولا يعتبر التوجه نحو السوق الصينية وليد اللحظة، فقد شهدت السنوات الأخيرة تعزيزا ملحوظا للعلاقات التجارية بين المغرب والصين، حيث باتت الشركات المغربية تعتمد بشكل متزايد على الموردين الصينيين لتلبية الطلب الداخلي المتنامي، وهو ما يتجلى بوضوح في الأسواق المحلية، حيث يشكل الشاي الأخضر الصيني جزءا لا يتجزأ من موائد المغاربة، سواء في المناسبات العائلية أو خلال الطقوس اليومية لشرب الشاي، التي تتطلب أصنافا بعينها، تتميز بجودتها ونكهتها الفريدة.
وفي مقابل هذا الارتفاع القياسي في الاستيراد، يواجه السوق المغربي بعض التحديات المرتبطة بتقلبات الأسعار العالمية، فضلا عن متغيرات أخرى تتعلق بجودة المنتج وتنوعه، غير أنه ومع ذلك، يبدو أن المملكة قد تمكن من ترسيخ موقعها في سلسلة التوريد الدولية، من خلال تنويع مصادرها واستيراد كميات ضخمة بأسعار تنافسية.
ويشير المراقبون إلى أن هذا النمو في الاستيراد قد يكون مرتبطا بزيادة الطلب الداخلي، لكنه أيضا يعكس الدور الذي بات المغرب يلعبه كبوابة للمنتجات الصينية نحو القارة الإفريقية، خاصة مع بروز توجهات اقتصادية جديدة تعزز من الشراكة بين البلدين.
