في خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز قدراته الدفاعية، تسلم المغرب مؤخرا أنظمة الدفاع الجوي باتريوت الأمريكية التي سيتم تركيبها في القاعدة العسكرية في سيدي يحيى الغرب لإجراء الاختبارات والتقييمات اللازمة.
وحسب ما كشفت عنه جريدة “لاراثون” الإسبانية فإنه من المتوقع أن توزع هذه الأنظمة لاحقا على مناطق مختلفة في شمال وجنوب البلاد، مما يعكس التزام المغرب بتحديث قواته المسلحة وبناء شبكة دفاع جوي متكاملة.
وتقع قاعدة سيدي يحيى الغرب على بعد حوالي 60 كيلومترا شمال شرق العاصمة الرباط، كما شهدت القاعدة تطورات كبيرة في السنوات الأخيرة، حيث تم إنشاء منشآت خاصة لاستقبال الأنظمة الدفاعية المتقدمة، وكشفت صور الأقمار الصناعية عن هذه التحديثات، مما يبرز الجهود المستمرة في تعزيز القدرات العسكرية.
ويعد نظام باتريوت الأحدث ضمن مجموعة من الأنظمة الدفاعية التي حصل عليها المغرب في السنوات الماضية، وبالإضافة إلى هذا النظام الأمريكي المتطور، تسلم المغرب في وقت سابق نظام FD-2000B الصيني، الذي نشر في نفس القاعدة العسكرية، ويتميز بقدراته على اعتراض الأهداف الجوية والصواريخ الباليستية على مسافات تصل إلى 250 كيلومترا.
وحسب المصدر ذاته فإن إدماج أنظمة باتريوت يعكس رغبة المغرب في تنويع مصادر تسليحه، حيث يطمح إلى بناء منظومة دفاع جوي متعددة الأبعاد تواكب التطورات التكنولوجية العالمية.
وتوقع الموقع الإسباني أن تستقبل القاعدة العسكرية في سيدي يحيى الغرب مستقبلا أنظمة أخرى مثل باراك 8 الإسرائيلية، وهو ما يسهم في تعزيز قدرة المغرب على مواجهة مختلف التهديدات الجوية.
في هذا الإطار اعتبر عصام العروسي، الخبير الأمني وأستاذ العلاقات الدولية وتسوية النزاعات، أن تسليم الأنظمة الدفاعية الجديدة للمغرب يمثل خطوة استراتيجية مهمة نحو تعزيز قدراته العسكرية، خاصة في مجال الدفاع الجوي والطائرات النوعية.
وأكد العروسي في تصريح لـ “العمق” أن هذه الأنظمة، وعلى رأسها صواريخ باتريوت، تحمل أهمية استراتيجية وتكتيكية بارزة، بالنظر إلى دقتها العالية وقدرتها الفائقة على تحديد وإصابة الأهداف بدقة متناهية.
وأشار الخبير إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية كانت دائمًا تتحفظ على تزويد بعض الدول بأنظمة تسليح متقدمة مثل صواريخ باتريوت، لكن باعتبار المغرب شريكا وحليفا استراتيجيا، تدرك أهمية تعزيز التعاون العسكري والتسليحي بين البلدين، موضحا أن هذا التعاون يساهم بشكل كبير في تعزيز العلاقات الثنائية بين الرباط وواشنطن.
وأضاف الخبير الأمني أن هذه الخطوة تأتي في سياق الحفاظ على السيادة الوطنية، خاصة في ظل التحديات الأمنية التي تواجهها المملكة، بما في ذلك التغطية الجوية، التي كانت تشكل نقطة ضعف في الماضي، مشددا على أن تعزيز الجوانب الدفاعية الجوية والبحرية سيمنح الجيش المغربي القدرة على إدارة الأزمات بفعالية، لا سيما في المناطق الحساسة مثل المنطقة العازلة في الأقاليم الجنوبية، التي تشكل مصدر قلق دائم للمغرب بسبب الأنشطة المستمرة لجبهة البوليساريو.
وفي سياق متصل، أكد المتحدث ذاته، أن الحصول على هذه الأنظمة الدفاعية سيساهم في تحسين قدرات المغرب على التتبع والمراقبة، خاصة في حالة وقوع تسلل لعناصر البوليساريو عبر المنطقة العازلة لضرب أهداف شرق الجدار الأمني.
وقال: “مراقبة الحدود مع الجزائر أمر بالغ الأهمية، ليس فقط من أجل تعزيز الأمن العسكري، بل أيضًا في ما يتعلق بمكافحة الهجرة غير النظامية ودخول الأسلحة، بالإضافة إلى التصدي للتهديدات الإرهابية”.
وأشار العروسي إلى أن المغرب قد تمكن بالفعل من تفكيك خلية إرهابية كانت تخطط لشن هجمات عدائية داخل التراب الوطني، مما يبرز أهمية تعزيز القدرة الأمنية للمملكة لمواجهة أي تهديدات محتملة، مضيفا أن المغرب في حاجة إلى مواصلة تعزيز قدراته الدفاعية واللوجستية لحماية أمنه الداخلي والخارجي، وضمان استقراره في منطقة تشهد تحولات أمنية وجيوسياسية كبيرة.