احتل المغرب المركز 112 في مؤشر السعادة العالمي لعام 2025 الصادر عن مركز أبحاث الرفاهية في جامعة أكسفورد، بالشراكة مع “غالوب” وشبكة حلول التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة.
والعام الفارط، احتل المغرب، الذي حصل هذا العام على 4.622 نقطة ضمن الترتيب العام، المرتبة الـ 107 في المؤشر ذاته الذي نُشر اليوم الخميس، والمرتبة الـ 100 سنة 2023.
ويعتمد التصنيف على مجموعة من المعايير، تشمل مستوى الرضا عن الحياة، نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، الدعم الاجتماعي، الصحة، الحرية، الكرم، ومستوى الفساد.
وعالميًا، حافظت فنلندا على صدارتها لقائمة الدول الأكثر سعادة في العالم للعام الثامن على التوالي، وفقًا للتقرير السنوي الصادر برعاية الأمم المتحدة. في المقابل، تراجعت الولايات المتحدة إلى المركز 24، وهو أدنى تصنيف لها منذ بدء نشر التقرير عام 2012، عندما كانت تحتل المرتبة 11.
وواصلت الدول الاسكندنافية احتلال المراكز الأولى في التصنيف، حيث جاءت الدنمارك في المرتبة الثانية، تليها أيسلندا والسويد. كما شهد التقرير دخول دولتين جديدتين إلى قائمة العشر الأوائل، هما كوستاريكا في المرتبة السادسة والمكسيك في المرتبة العاشرة، بينما ظلت أفغانستان في ذيل القائمة كأكثر الدول تعاسة.
عبد السلام الوديع، باحث في علم الاجتماع، اعتبر أن احتلال المغرب المرتبة 112 في تقرير مؤشر السعادة العالمي لعام 2025، متراجعًا بخمس درجات عن المركز 107 الذي حصل عليه في العام السابق، هو مؤشر يعكس تحديات كبيرة في جوانب رفاهية السكان.
وقال الأستاذ الجامعي، في تصريح لجريدة “مدار21″، إنه بالرغم من هذا التراجع، فإن الترتيب العام للمغرب لا يزال في وسط المؤشر مقارنة ببعض الدول الأخرى، مؤكدًا في المقابل أن الأرقام تشير إلى أن هناك حاجة ملحة لتحسين مستوى الرفاهية وجودة الحياة للمواطنين في مختلف المجالات مثل التعليم، الصحة، والفرص الاقتصادية.
وسجل عبد السلام الوديع أيضًا أن المعايير التي يعتمد عليها مؤشر السعادة، مثل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، الدعم الاجتماعي، والصحة، تظهر أن المغرب لا يزال يعاني من بعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على رفاهية المواطنين.
وأشار إلى أنه بالرغم من الجهود المبذولة لتحسين الوضع الاقتصادي، إلا أن الفجوات الاجتماعية والاقتصادية تظل مشكلة كبيرة تؤثر على تقييم المواطنين لجودة حياتهم، “إذ يمكن تفسير هذا التراجع في ترتيب المغرب من خلال ضعف مؤشر الحرية الشخصية، الذي يعد أحد العوامل المؤثرة بشكل كبير في الشعور بالرفاهية”.
وعزى تصدر بعض دول العالم، مثل فنلندا والدول الاسكندنافية، للتصنيف إلى النظام الاجتماعي القوي الذي يدعم الرفاهية العامة لمواطنيها، من خلال سياسات تعليمية وصحية شاملة، فضلاً عن مستوى عالٍ من الدعم الاجتماعي، “في المقابل، يظهر المغرب تحديات تتعلق بنقص التوزيع العادل للموارد، مما يؤثر على قدرته على تحسين مستويات السعادة في المجتمع.”
من جهة أخرى، أبرز أن مشكلة الفساد تشكل أحد العوامل التي تؤثر بشكل كبير في مؤشر السعادة في المغرب، مشيرًا إلى أنه يعوق تحسين الخدمات العامة ويزيد من مشاعر الإحباط لدى المواطنين، وبالتالي يتسبب في شعور بعدم الرضا العام، مما ينعكس في انخفاض التقييم العام للسعادة في المملكة.
وشدد الوديع على ضرورة التركيز على أهمية تعزيز الدعم الاجتماعي وبناء مجتمع يتمتع بفرص أكبر للحرية الشخصية، وتحسين الوضع الصحي والتعليم. معتبراً أنه يمكن لتلك التحسينات أن تسهم في رفع مستوى سعادة المواطنين وتحقيق تقدم ملموس في ترتيب المغرب في مؤشرات السعادة العالمية في المستقبل القريب.