الجمعة, يناير 10, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالمغرب والجزائر.. الدبلوماسية الهادئة في مواجهة تصريف أزمات الجزائر الداخلية

المغرب والجزائر.. الدبلوماسية الهادئة في مواجهة تصريف أزمات الجزائر الداخلية


مثل قضية الصحراء المغربية نقطة اشتباك دبلوماسي وسياسي بين المغرب والجزائر حيث لا تزال الجزائر مستمرة في لعب دور مثير للجدل عبر خطابها الموجه داخلياً وخارجياً وآخر حلقات هذا الجدل تمثلت في تصريح الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أمام البرلمان والذي أشار فيه إلى أن مبادرة الحكم الذاتي للصحراء المغربية هي اقتراح فرنسي مما يعكس استراتيجية الجزائر في استهداف المبادرات المغربية الدولية بطريقة ملتوية.

تحليل خطاب تبون يظهر بوضوح أن الجزائر تسعى لتشويه صورة الحلول المغربية للنزاع خصوصاً أن مقترح الحكم الذاتي حظي بإشادة واسعة من أطراف دولية باعتباره حلاً واقعياً ومستداماً ووصف تبون للمبادرة بأنها فرنسية يبدو محاولة لتأليب الرأي العام الداخلي الجزائري وربطه بنظرية المؤامرة التي تعتمد على استحضار النفوذ الفرنسي كمحرك للأحداث وهذه الخطوة ليست جديدة بل تأتي في سياق استمرار الجزائر في تعطيل مسار التسوية السلمية للنزاع عبر دعمها “لجبهة البوليساريو” التي تعيش اليوم أزمة سياسية ودبلوماسية خانقة.

في هذا السياق يمكن النظر إلى رسالة جمهورية مالي إلى الجزائر باتهامها بـدعم مجموعات إرهابية في شطرها الشمالي الذي يشهد تمردا للطوارق، داعية إياها إلى الكف عن جعل مالي رافعة لتموضعها الدولي، هي إشارة تحمل أبعاداً متعددة تعرب عن رفض واضح لأي تدخل جزائري في الشؤون الداخلية لمالي تكشف عن توتر العلاقة بين الجزائر وبعض حلفائها المفترضين في المنطقة وهذا التوتر يعكس تناقضاً في السياسة الخارجية الجزائرية التي تسعى لإظهار نفسها كوسيط إقليمي بينما تُتهم بالعمل على تأجيج النزاعات.

أحد المعطيات الجديدة التي زادت من عزلة الجزائر في هذا الملف هو اعتراف إسبانيا القوة الاستعمارية السابقة للصحراء بمغربية الصحراء ودعمها لمبادرة الحكم الذاتي باعتبارها الحل الوحيد الواقعي والقابل للتطبيق وهذا التحول في موقف مدريد شكل صفعة قوية للجزائر التي طالما اعتمدت على مواقف إسبانيا المترددة لدعم أجندتها في المنطقة وعلى نفس المنوال أكدت فرنسا مراراً دعمها لمبادرة الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية ما يعزز الشرعية الدولية للموقف المغربي والمواقف الأوروبية هذه وضعت الجزائر أمام خيارين إما مراجعة سياستها العدائية تجاه المغرب أو مواجهة المزيد من العزلة الدولية.

رد الجزائر على هذه التحولات تمثل في تصعيد خطابها العدائي ومحاولتها التشكيك في دوافع الاعترافات الأوروبية وتبون في تصريحاته الأخيرة حاول تصوير المواقف الإسبانية والفرنسية كمجرد مناورة سياسية تخدم مصالحها الاقتصادية متجاهلاً الدعم المتزايد الذي تحظى به مبادرة الحكم الذاتي على المستوى الدولي وهذا الرد يعكس إحباط الجزائر من تغير ميزان القوى في هذا النزاع.

من الواضح أن الجزائر عبر خطاب تبون وسياساتها الإقليمية تحاول استغلال قضية الصحراء المغربية كوسيلة لتحقيق أهدافها الجيوسياسية وأطماع الجزائر لا تقتصر على التشكيك في مبادرات المغرب بل تمتد إلى محاولات تقويض استقراره الإقليمي عبر خلق تحالفات ظرفية مع أطراف معارضة للمغرب ومع ذلك يبقى أن المغرب تمكن من إحراز تقدم ملحوظ في كسب الدعم الدولي لقضيته الوطنية لا سيما مع اعتراف الولايات المتحدة بسيادته على الصحراء وتزايد عدد الدول التي فتحت قنصليات في العيون والداخلة.

القراءة العميقة لهذه التطورات تؤكد أن الجزائر تجد نفسها اليوم في موقف دفاعي حيث بات من الصعب عليها تبرير سياستها تجاه الصحراء المغربية على الصعيدين الإقليمي والدولي وتصريحات تبون أمام البرلمان ليست سوى محاولة لإعادة توجيه النقاش نحو تفسيرات أقل واقعية وأكثر تضليلاً لكن السؤال الأهم يبقى إلى متى يمكن للجزائر الاستمرار في هذه السياسة الملتبسة في ظل تضاؤل التأييد الإقليمي والدولي لموقفها وتزايد الضغوط الداخلية التي تواجهها على مستوى الاقتصاد والسياسة.

مع كل هذا يبدو أن المغرب يستمر في ترسيخ موقعه كفاعل مسؤول في المشهد الإقليمي معتمداً على الدبلوماسية الهادئة والعمل الميداني لتعزيز قضيته الوطنية بينما تظهر الجزائر كطرف عاجز عن مجاراة هذا النسق مكتفية بخطابات رنانة لا تغير شيئاً من الواقع والتحولات الدبلوماسية الأخيرة سواء عبر الاعترافات الأوروبية أو التحالفات الجديدة تؤكد أن المغرب في طريقه لتعزيز موقعه الإقليمي والدولي بينما تواصل الجزائر مواجهة تحديات تعصف بدورها الإقليمي الهش.

مختص في العلوم السياسية والتواصل السياسي وإطار بالبرلمان المغربي*



Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات