يستعد المغرب لتحقيق نقلة نوعية في قطاع الطاقة مع قرب انطلاق إنتاج الغاز الطبيعي المُسال لأول مرة في تاريخه، ابتداءً من الربع الأخير من العام الجاري. وتأتي هذه الخطوة مع اكتمال بناء محطة لتسييل الغاز في حقل “تندرارا” شرق المملكة، التي تديرها شركة “ساوند إنرجي” البريطانية.
وبحسب تصريحات غراهام ليون، الرئيس التنفيذي للشركة البريطانية، من المتوقع أن تبدأ تجارب الإنتاج الصيف المقبل، مع دخول الإنتاج التجاري حيز التنفيذ في الخريف بقدرة يومية تناهز 10 ملايين قدم مكعب. وتطمح الشركة إلى رفع القدرة الإنتاجية مستقبلاً إلى 40 مليون قدم مكعب يومياً، مع تطوير حقول إضافية.
ويعد “تندرارا” أكبر حقل غاز بري في المغرب ومشروعاً حيوياً لتقليل الاعتماد على واردات الغاز الطبيعي، الذي يستخدم بشكل رئيسي في إنتاج الكهرباء وتجفيف الفوسفات وصناعات أخرى مثل السيراميك والحديد.
ويغطي امتياز الحقل مساحة تصل إلى 133.5 كيلومتر مربع، مع تقدير موارده بحوالي 10.67 مليار متر مكعب من الغاز. وأكدت الشركة البريطانية أنها استثمرت أكثر من 160 مليون دولار منذ بدء أعمال التنقيب في المغرب.
وفي خطوة لتعزيز الاستثمارات، باعت “ساوند إنرجي” العام الماضي 55% من امتياز الحقل لشركة “مناجم” المغربية مقابل 45 مليون دولار، مع احتفاظها بحصة 20%. وتملك الدولة المغربية، عبر المكتب الوطني للهيدروكربورات والمعادن، نسبة 25% من الامتياز.
ويتزامن تطوير الحقل مع بناء خط أنابيب جديد بقيمة 400 مليون دولار لربط “تندرارا” بخط الغاز المغاربي الأوروبي على مسافة 120 كيلومتراً. ويساهم المشروع في الاستفادة من البنية التحتية الحالية لاستيراد الغاز من السوق الدولية عبر إسبانيا، بعد توقف الإمدادات الجزائرية في 2021.
وتُخطط الشركة البريطانية لحفر آبار استكشافية جديدة بقيمة 25 مليون دولار واستكشاف مناطق أخرى وسط البلاد باستخدام تقنيات زلزالية. كما تتجه نحو استكشاف الهيدروجين الأبيض، الذي يُعدّ مصدراً واعداً للطاقة النظيفة، تماشياً مع التوقعات العالمية المتزايدة للطلب عليه.
ويمثل هذا المشروع خطوة استراتيجية نحو تعزيز استقلالية المغرب الطاقية، وتقليل فاتورة الواردات، وتحقيق التنمية المستدامة في قطاع الطاقة.