جاء في جريدة “هسبريس” يوم 12 دجنبر 2024 أنّ مصطفى بايتاس، الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان الناطق الرسمي باسم الحكومة، قال: “إن الإعفاء الكلي للمعاشات والإيرادات العمرية المدفوعة في إطار أنظمة التقاعد الأساسي بنسبة 100 في المائة، ابتداء من فاتح يناير 2026، “سيكلف أزيد من مليار و200 مليون درهم، وسيستفيد منه 164 ألفا و744 متقاعدا، وتمثل نسبة المتقاعدين المعفيين المسجلين في الصندوق المغربي للتقاعد حوالي 86 في المئة”.
-من خلال تصريح السيد الوزير حول تخفيض الضريبة على الدخل بالنسبة للمتقاعدين، فإنّ هذا التخفيض الضريبي على الدخل لا يشمل إلّا نسبةً قليلة من المتقاعدين، فالمتقاعدون الذين سيستفيدون من التخفيض هم أولئك الذين يتقاضوْن في راتبهم 14 ألف درهم شهرياً فما فوق وهم قلّة قليلة جدّاً، في حين أنّ الأغلبية العُظمى منهم معفون أصلاً من الضريبة على الدخل، لهذا فكلّ ما صرّح به الناطق الرسمي باسم الحكومة هو جعجعة بلا طحين وذرّ للرّماد في العيون ومحاولة منه لطَمْس حقوق المُتقاعد الذي كان ينتظر من الحكومة زيادة في راتبه الهزيل الذي لم يَعُد يُساير الارتفاع المُهوِل الذي تعرفه جميع الموادّ الضروريّة للحياة، فإعفاء الذين تساوي أو تفوق رواتبهم 14 ألف درهم شهريّاً من الضريبة يعني الزيادة في أجور المَيْسورين وحرمان الفقراء المساكين البُؤَساء.
-فإذا كانت الحكومة صادقةً في محاولة الْتفاتِها لهذه الشريحة من المواطنين ولها رغبة جادّة في الرفع من مستواها المعيشي، فعليها أنْ تُبادِرَ في الرفع من مدخولها بالزيادة العاجلة في أجرتها بما يُمكِّنها من العيش الكريم في وطنها الذي خدمَته بكلّ إخلاص وتفانٍ ونُكران للذات.. على الحكومة مراعاة الظروف القاسية التي تعيشها هذه الطبقة الفقيرة من الشعب، وذلك بالرفع من راتِبِها بقيمة لا تقلّ عن 2000 درهم شهرياً، كما طالبت بذلك الشبكة المغربية لهيئات المتقاعدين الداعية إلى اعتماد نظام السلم المتحرك للمعاشات، إلى جانب زيادة لا تقل عن 2000 درهم شهريّاً في المعاشات، وقد جاء ذلك في بيان صادر عن لجنة التنسيق الوطني للشبكة، حسبَ ما أورَدتْهُ جريدة “أخبارنا” بتاريخ 08/12/2024، مُشيرة إلى أن أكثر من 90% من هذه المعاشات غير خاضعة أصلاً للضريبة…
-والسؤال المطروح وبإلحاح، لماذا تمّ تهميش فئة المتقاعدين من طرف الحكومات المتعاقِبة والذين ضحّوْا تضحيات جسيمة في سبيل الرّقي بوطنهم والعمل على تنميته وتقديمه وتطويره ولعقود عدّة ؟؟ ولماذا تمّ تجميد رواتبهم لحقبة طويلة من الزمان، علماً أنّ المغرب يزخر بثرواتٍ طبيعيّة هائلة لا تُعدُّ ولا تُحصى؟؟
-المتقاعد المغربي في حاجة إلى عدالة اجتماعيّة يستفيد من خلالِها بحقّه في العيش الكريم في وطنه مثله في ذلك مثل جميع المتقاعدين في العالم. فالدول الديمقراطيّة في جميع بقاع العالم تُولي اهتماماً بالغاً لِمتقاعديها وتعترف لهم بالجميل الذي أسدَوْه لأوطانهم، فحكومات هذه الدول تُدرِك أنّ للمتقاعد دوراً أساسيّاً في التقدُّم والازدهار الذي تعرفه هذه البلدان، فالمتقاعدون بالنسبة لهذه الدول هم أولئكَ الرجال الأفذاذ الذين وَضعوا أسس ولَبِنات متينة لتقدّمها لِتاتيَ من بَعدِهم أجيالٌ تمشي على آثارهم وعلى طريقتهم في مواصلة ما بَنَوْه وشيّدوه، فهم قُدوة الأجيال الشابّة النشيطة التي تخلُفهم والتي تسير على نهجهم في العمل الجادّ والجبّار سعياً وراء السير ببلدها على سكة التطوّر والحداثة في إطار التصنيع والابتكار والاختراع والبحث في فضاء التكنولوجيات المُتنوعة التي يعرفها العالم المعاصِر، إنها دول تقوم بالاعتناء بمواردها البشريّة ولذلك وصلت إلى ما وصلت إليه من تقدّم ورُقي في جميع الميادين والمجالات.