الأربعاء, مارس 12, 2025
Google search engine
الرئيسيةالشامل المغربيالمساجد المغربية.. حين تروي فنون العمارة عراقة التاريخ وعبق التراث

المساجد المغربية.. حين تروي فنون العمارة عراقة التاريخ وعبق التراث


 المهدي ديوان(و.م.ع)

في شموخ وإباء تنتصب المساجد المغربية لتحكي عن الغنى الفني للهوية المعمارية الإسلامية المغربية، بفضل ما تزخر به من تصاميم مميزة، وزخارف عريقة وفسيفساء متفردة، تمتح من معين الروافد العربية والأمازيغية والأندلسية والمتوسطية.

هذه الفخامة و ذلك التفرد الذي يميز المساجد المغربية، في تناغم بين النقوش الدقيقة والهدوء الروحي، هما نتاج قرون من التأثر والتأثير الحضاري والثقافي الذي ميز تاريخ المغرب مع محيطه، مما يجعل هذه المعالم الدينية الغنية بعبق التراث، تستعصي عن التقليد أو الصنع إلا بأنامل الحرفي المغربي التي تنطق إبداعا وتشع جمالا.

هو ذات التفرد الذي يدل على الخصوصية الجمالية والفنية الناطقة بلسان مغربي أصيل، حينما يعكس الأجواء الروحانية الآسرة المفعمة بتاريخ عريق، تجعل عين الزائر لا تخطئ أبدا هوية المسجد المغربي، القديم منه أو الحديث.

ظاهرة التأثير والتأثر في تفسير أي تطور تاريخي للفن عامة وللفن المعماري خاصة يعتبرها المؤرخ أحمد أشعبان، مسألة واردة، علما أن عوامل التأثير كثيرة ومنها الداخلي والخارجي، وهي التي تتشكل من خلالها هوية بلد ما، مبرزا أن ما يميز العمارة بالمغرب الأقصى خاصة، هو تنوع هندستها وغنى زخرفتها، مما يضفي عليها جمالية تعكس أصل مؤسسها والمدينة التي بنيت بها.

وفي تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، يعتبر المؤرخ أشعبان أن المفهوم المعماري للجامع والمسجد يختلف بين الماضي والحاضر، موضحا أن “الجامع” أو “الجامع الأعظم” أو “الجامع الكبير”، كان يعد في الماضي العمارة الدينية الوحيدة بالمدينة الإسلامية إلا في حال وجود عائق طبيعي يفرض وجود “جامعين”.

وأضاف أن ما ميز “الجامع” عن المسجد هو أن الأول كان يخصص لصلاة الجمعة بالإضافة إلى الصلوات الخمس، في حين كان المسجد مخصصا فقط للصلوات الخمس ولا يوجد به المنبر.

وأوضح الأستاذ المختص في العمارة الإسلامية أن كل “الجوامع” الإسلامية تتوفر على خمسة عناصر معمارية أساسية؛ وهي المحراب المخصص لإمامة الصلاة، والمنبر لخطب الجمعة والعيدين وغيرها، وقاعة الصلاة، والمئذنة لرفع الآذان والنداء إلى الصلاة، والصحن الذي يضطلع بدور تهوية وإضاءة قاعة الصلاة.

وأكد أن “جوامع” الغرب الإسلامي والمغرب الأقصى على الخصوص، كانت تختلف عن نظيراتها بالشرق الإسلامي عامة، لافتا إلى أنه في القرن السادس هـ/ 12م، ومع ظهور الإمبراطورية الموحدية وعاصمتها مراكش، وقعت ثورة فنية وثقافية ميزت عناصر عمارة “الجوامع” المغربية عن باقي الجوامع الإسلامية.

وأضاف الباحث، أنه تم خلال تلك الفترة تأكيد الشكل الهندسي المربع للمآذن المعروف بكل مناطق الغرب الإسلامي، مع إضافة تقنية وهندسة في البناء لم تكن معروفة في السابق، تقوم على استغلال الجسم أو البرج الأوسط في المئذنة ووضع غرف مركبة الواحدة فوق الأخرى من القاعدة حتى منصة الآذان العلوية.

ولم تكن التطورات المتعلقة بالتصاميم والهندسة التي عرفتها المساجد المغربية عبر الزمن، بمعزل عن التراكم الذي تحقق في الجانب المتعلق بالزخرفة والنقش على الخشب و “الزليج”، والتي عكست الازدهار الثقافي والاقتصادي الذي طبع الكثير من الحقب التاريخية بالمغرب.

وفي هذا الصدد، يقول السيد أشعبان إن الزخرفة الإسلامية بالمغرب مرت بمراحل تاريخية ارتبطت بمستوى الازدهار الاقتصادي، لافتا إلى أن الإمارات الحاكمة في المغرب قبل الدولة المرابطية، اهتمت بالبناء أكثر من الزخرفة.

وفي العصر الموحدي، يضيف الباحث، أبدع الصانع المغربي في الزخارف الجصية والنقش على الحجر، مبرزا أن جامعي تينمل والكتبية خير شاهد على أهمية الزخارف في إبراز جمالية العمارة الدينية.

ومن جهة أخرى، قال السيد أشعبان إنه “يمكن اعتبار الدولة المرينية والدول التي تعاقبت بعدها أهم عصور زخرفة البناء بامتياز”، مشيرا في هذا الصدد إلى الواجهات الداخلية للمدارس المرينية التي تعد لوحة مليئة بمختلف أنواع الزخارف إلى حد غياب الفراغات بهذه الواجهات.

ولعل خير شاهد على هذا الإبداع وتلك الأصالة المغربيين، هو مسجد الحسن الثاني بالدار البيضاء، الذي يعتبر أول معمار ديني يبنى على البحر، “وكان عرشه على الماء”، والذي يعتبر بحق جوهرة معمارية وحضارية وفنية عز نظيرها، إذ اجتمع فيها ما تفرق في غيرها، من تلاوين الفنون وأنواع الزخارف وضروب النقوش المغربية العريقة.

وتظل المساجد المغربية، منذ العصور الإسلامية الأولى إلى اليوم، شاهدة على تطور الفن المعماري الذي يجمع بين أصالة وابتكار أبدعت يد الصانع المغربي في تجسيدهما وفق هوية فريدة، لتظل هذه المساجد، بالإضافة إلى دورها الديني كأماكن للعبادة، تحفا معمارية خالدة تعكس روح الإبداع والتفرد في المشهد الثقافي والحضاري للمغرب.





Source link

مقالات ذات صلة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

- Advertisment -
Google search engine

الأكثر شهرة

احدث التعليقات