محمد منفلوطي_هبـــــة بريس
حقيقة ما دفعني للكتابة حول هذا الموضوع، هو حجم الإصابة التي تعرضت لها تلميذة بمدينة برشيد من قبل مختل عقلي طاردها في الشارع العام، أمسك بها وأسقطها أرضاً ثم انهال عليها بالضرب باستخدام “حجرة” حسب روايات وشهادات متفرقة..
واقعة، حذرت من تداعياتها، فعاليات سياسية وجمعوية، مشيرة إلى تنامي ظاهرة المختلين عقليا بالمدينة والمناطق المجاورة باتت تشكل كابوسا مقلقا يهدد حياة المواطنين الآمنين، بل و قد تتحول في أي لحظة من اللحظات إلى قنابل موقوته تجوب أنحاء المدينة قد تنفجر في وجه أي مواطن بريء عبر تعريض حياته أو ممتلكاته للخطر، فكم من واقيات سيارات كسرت، وكم من واجهات زجاجية لمحلات تجارية أتلفت..ليبقى خطر هؤلاء المختلين عقليا قائما في غياب حكامة جيدة لتدبير هذه الظاهرة المقلقة.
مشاهد مألوفة امام صمت الجهات المعنية
من المناظر المألوفة التي تشهدها معظم شوارع مدينة برشيد، والمدن المجاورة كمدينة سطات ( نموذجا) نجد ظاهرة انتشار المرضى النفسيين المختلين عقليا، بأشكالهم وألوانهم المختلفة، فمنهم من يحمل أغراضاً قذرة إما على عربةٍ مُهترئه أو على أكياس رثة يتجولون في الشوارع العامة، ومنهم من يقف قرب مدارة يتابع تحركات السيارات والمارة على حد سواء، أمام صمت وتجاهل الجهات الوصية التي تقف مكتوفة الأيدي دون التفكير في حلول للقضاء على هذه الظاهرة.
آدميون وحَّدهم المصير، عنوانه البؤس والشقاء البادي على وجوههم وأجسادهم وملابسهم التي تحمل أطنان من الأوساخ وأحيانا كثيرة ممزقة في أماكن مخزية وأحيانا من دون ملابس أو ما يغطى عوراتهم، شعرهم طويل ومتغير اللون من القذارة ومن شدة تعرضهم للشمس أثناء مشيهم الطويل الذي لا ينتهي، ينامون على الأرض ويلتحفون السماء، يأكلون من بقايا المطاعم أو من صناديق القمامة أو ما جادت به أيادي المحسنين، يقوم بعضهم بحركات لا أخلاقية تتنافى مع الآداب العامة، فأين حقوقهم..؟؟؟
آدميون تخلت عنهم المستشفيات وتنكرت لهم الأسر والعائلات
كشفت مصادر “هبـــــة بريس” أن نزيف التخلي عن بعض المختلين عقليا لازال قائما هناك بمستشفى الأمراض العقلية والنفسية بمدينة برشيد، حيث يشد هؤلاء الرحال صوب المناطق المجاورة متخذين من الطريق السيار الرابطة بين البيضاء وسطات ممرا لهم لعله يقودهم إلى وجهة من الوجهات، مما يعرض حياتهم للخطر من جهة ولمستعملي الطريق من جهة أخرى.
والسبب في ذلك يرى آخرون أنه راجع بالأساس إما لعدم استيعاب هذا المستشفى لأعدادهم المتزايدة، خاصة وأن عددا كبيرا منهم يقيمون بشكل دائم بعد أن تخلت عنهم أسرهم، أو لسبب تجاوز العديد من هؤلاء المرضى لمدة إقامتهم التي امتدت لسنوات عدة، كل هذا يحد من قدرة هذه المستشفيات على إيجاد حل للمرضى الجدد حسب ما أكده مصدر طبي رفض الكشف عن اسمه.
إلا أنه في غالب الأحيان ما يتم تكذيب هذه الحقيقة من قبل المسؤولين والقائمين على هذه المستشفيات، ويلقون اللوم على أسر المرضى ويعتبرونهم هم يستقدمون مرضاهم الى المدينة ويتخلوا عنهم، فلم يجدوا أمامهم سوى الشوارع.
ويرى متتبعون للشأن المحلي من وجهة نظرهم، أنه في كثير من الأحيان يتم استقبال المرضى لمدة معينة ثم يعودون للبيت لمتابعة العلاج خارجا ويتم ذلك بمراعاة حالة المريض فمنهم من لا تستدعي حالته البقاء في المستشفي، فيتم إرساله إلى البيت، وهنا يجب إقناع العائلات على الاحتفاظ بأبنائها المرضى وأن تقوم بدورها وأن تعمل على الاعتناء بهم داخل محيطهم الاجتماعي والطبيعي لأن ذلك يسهل التحكم بمرضهم جيدا، بدل تركهم يتجولون بكل حرية في شوارع المدينة وأزقتها، كالقنابل الموقوتة المهددة بالانفجار في أي لحظة، لتقتل أو تؤذي أبرياء.
مرضى بين اكراهات العلاج وصعوبة الاعتراف بالمرض
من بين المرضى العقليين، من لا يستوعبون أنهم مرضى فعلا، ولا يعتقدون أنهم بحاجة إلى استخدام أدوية، والمشكلة الكبيرة بأنه لا فرق بين الجاهل والمتعلم، فكثير منهم متعلمون وبعضهم يحمل شهادات عليا، ومع ذلك لا يعترف البعض منهم بأنهم مرضى ، ويرفضون أخذ العلاج.
إن من أصعب الأمور في علاج الأمراض العقلية والنفسية عموما هو قبول المريض الاعتراف بأنه مريض نفسي أو عقلي، والأمر الآخر هو قبوله استخدام العلاج.