اعتبر الباحث الأكاديمي في العلوم الاجتماعية بجامعة محمد الخامس ،سعيد بنيس، أن الحديث عن “الستريمر” إلياس المالكي هو حديث عن ظاهرة اجتماعية جديدة بدأت على شكل فقاعة افتراضية، محذرا من تأثير مثل هذه النماذج على مفهوم الجهد الواقعي والانتقال إلى الريع الديجيتالي الذي يمكن أن يصل درجة التسول الالكتروني.
وأضاف بنيس، الذي حلَّ ضيفا على برنامح مع يوسف بلهيسي الذي ينشر على منصات جريدة “مدار21” الالكترونية، أن “إلياس المالكي بدأ كفقاعة افتراضية ليصبح ظاهرة اجتماعية”، مشيرا إلى أن “الظاهرة هي كل شيء يتكرر ويصبح منتشر بشكل واسع”.
وأضح الأكاديمي ذاته أن أحد مبررات هذا الانتشار الواسع هو “كون إلياس المالكي أصبح نقطة الإقلاع في منصة جديدة للبث المباشرة وهي منصة KICK”، مشددا على أن “هذا النموذج أدخل إلى المغاربة فكرة الستريمر بعدما كانوا لا يعرفون سوى اليوتيبر”.
وفي توصيفه لما شهده الستريمر المغربي إلياس المغربي من انتشار وشعبية على المستوى الداخلي والخارجي، أورد بنيس أن “إلياس المالكي أضحى مثل شيخ الزاوية بالمعنى الكمي أي أن له متابعين أوفياء في نفس شكل مريدي الزوايا”.
وأرجع السوسيولوجي ذاته سر الشهرة التي حظي بها المالكي إلى “كونه إنسانا عاطفياً أي أنه يتفاعل لمدة لا تقل عن 8 ساعات بجوارحه وعواطفه مع متابعيه”، مشيرا إلى أن “حضوره أمام الكاميرا لا يخضع لأية خطة تواصلية وإنما يتحرك بتلقائية”.
وفي تفكيكه لشخصية المالكي، أورد الباحث ذاته أنه “شخصيته متعدد الخاصيات”، مسجلا أن “طريقة لباسه ونمط عيشه شبابي ويشبه باقي الشباب المغربي”، مؤكدا أنه “نموذج ترابي أصيل أي أنه ابن مدينة الجديدة وغيور على هذه المنطقة إلى درجة أنه اقترب من مرتبة الفاعل الترابي”.
وأوضح بنيس أن “المالكي يتوفر على عبقرية ديجيتالية”، مقدما مثالاً في هذا الجانب على “اختلاف الأقمصة الرياضية التي يرتديها في كل بث مباشر لكي يبين على أنه يتماشى مع جميع الفئات”.
وبالنظر إلى طبيعة أقواله وسلوكاته وتنكيته في هذه “الستريمات”، اعبتبر الباحث في علم الاجتماع أن “إلياس المالكي يمكن أن يعتبر ستريمر فنان بحكم توظيفه لنكت وأغاني وأفعال توحي على حسه الفكاهي والفني”.
وفي ما يتعلق بالعبارات النابية التي يتم تداولها في هذه “اللايفات”، سجل بنيس أن “إلياس المالكي مدعو لاستيعاب خروجه مما هو فردي وشخصي إلى ما هو أكثر انتشارا وطنيا وإقليميا وحتى دوليا وبالتالي لابد من مراقبة العبارات التي يستخدمها ليس خوفاً وإنما احتراماً”.
وواصل بنيس مفسرا انعكاسات هذه “الكفرة الديجيتالية” بأنها “ألغت بعض الثنائيات التقليدية كثنائية الهامش والمركز وألغى حتى محاضن التنشئة التقليدية كالأسرة أو المدرسة أو الأحزاب أو النقابات”، مؤكدا أن “المالكي نجح في تثميل ما أسميه بالنيو تامغرابيت أو تامغرابيت الافتراضية”.
وحذر المتحدث ذاته من تأثير مثل هذه الظواهر على الناشئة، مشيرا إلى “خطورة الانتقال من الجهد الواقعي الذي يعتمد على الشهادات والكفاءات والعمل المضني إلى الريع الديجيتالي إلى درجة وصلنا معها إلى التسول الاكتروني”.